عرض مشاركة واحدة
قديم 06-05-2010, 09:42 PM
  #159
المناضل السليماني
مشرف
المجلس الاسلامي
 الصورة الرمزية المناضل السليماني
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 3,909
المناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond reputeالمناضل السليماني has a reputation beyond repute
افتراضي رد : ايه الخطيب المبارك اليك سلسة من الخطب آآآآآآمل التثبيت


ظاهرة سيئة تظهر مرة اخرى بعد اختفاء


الخطبة الأولى
الحمد لله علاّم الغيوب، المطلع إلى أسرار القلوب، البصير بسرائر النيات وخفايا الطَوِيَّات، يعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: عباد الله، اتقوا الله حق تقاته، وَٱتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ [البقرة:281].
أيها المسلمون، لقد خلق الله الإنسان في هذه الدنيا وكرّمه أحسن تكريم، وقوّمه أحسن تقويم، ولقد جاءت الشريعة المطهّرة من لدن حكيم عليم، عالم بأسرار الكون وما يصلح النفس البشرية وما ينفعها في معاشها وفي معادها، وهو الذي وعد بقوله جل وعلا، قوله الحق ووعده الصدق: وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ [الطلاق:2، 3].
عباد الله، لا للمال خلِقنا، ولا لاتخاذه هدفًا أسمى أمرنا، وليس المال خيرًا محضًا فنقصر جلّ تفكيرنا عليه، بل ولا شرًّا محضًا فنجعل قوانا على التخلّص منه، إنما المال يكون خيرًا إذا استُغلّ في أوجه الخير، ويكون شرًّا وأعظم به من شرّ إذا لم يرقب صاحبه في جمعه إلاً ولا ذمّة.
أما شرّ المال إذا دِيس به كرامة الإنسان، فكم وئِد من أجل المال من فضيلة وديس من كرامة. روى الإمام أحمد والترمذي في حديث حسن قول النبي : ((ما ذئبان جائعان أرسِلا في زريبة غنم بأفسدَ لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه)).
فاتقوا الله يا عباد الله، اتقوا الله في أموالكم، فإن أخذ المكاسب الخبيثة والمصارف المحرّمة شدّة حساب وسوء عقاب.
أيها المسلمون، إن سؤال الناس مذلّة وضعة، والمؤمن عزيز غير ذليل، وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون:8].
عباد الله، لقد ظهر في مجتمعنا فئة من الناس تسأل الناس إلحافًا، اتخذت ذلك حرفةً ووسيلة لجمع المال، إنه التسوّل الذي يُعتبَر في بعض البلاد جريمة يُعاقب عليها صاحبها، فإذا كان المتسوّل صحيح البدن أصبحت هذه الطريقة عنده وسيلة من وسائل كسب المال، بل هي وسيلة مريحة يجني بها صاحبها المال الكثير دون عناء أو مشقة.
في إحدى الدول عُمِلت إحصائية لهؤلاء الصنفِ من الناس، فماذا خرجت النتيجة؟
خرجت أن دخل بعضهم شهريًا قرابة العشرة آلاف، وأن ما يقرب من تسعين في المائة ليسوا فقراء، لقد أصبح الكثير منهم مبدعًا في التسوّل، كان له تطوير مقنِع، آلات ترى أن أحدهم يحمل أوراقًا طبّية تبيّن للناس أنه يعاني من أمراض مزمِنة، وأنه محتاج فقط إلى قيمة الدواء، وتجد الآخر يجمع تبرّعات لبناء مسجد أو مدرسة أو نحو ذلك.
وإليكم هذه القصة: في شهر رمضان الماضي قام رجل وادعى في المسجد أنه رئيس لجامعة إسلامية في أحدى الدول، يحمل معه مخططات لبناء تلك الجامعة، وأرفق معها خطابات وتزكيات، ومعه أوراق تحدّد تكلفة البناء، ويحمل مستندات، وأن منهج هذه الجامعة سلفيَّ، يدعو إلى التوحيد وإلى محاربة البدع وإلى العناية بالقرآن الكريم، وبعد الإطلاع على هذه الأوراق تبيّن لهذا المطّلع أن هذه الأوراق مزوّرة، وأن القائم على جمع التبرّعات والذي يزعم أنه رئيس لهذه الجامعة يعمل سبّاكًا في إحدى المدن، ليس له أي علاقة في مثل هذه الأعمال الخيرية، ومع الأسف تجد أن بعض الناس يتعاطف مع هؤلاء، ويستغلّون طيبة البعض، تجد من يعطيهم دون تدقيق أو تحقيق أو سؤال.
إن الواجب على الجميع عدم التساهل مع هؤلاء وأن لا نتسامح معهم، بل يجب إبلاغ الجهات المعنية بهم والتأكد من هويّتهم. والله، إن بعضهم يلعب بتلك الأموال القمار، والبعض الآخر يتاجر بها في المخدّرات. وقد يظهر لك أنه محتاج وأنه مسكين، ولو أعطيت أحدهم طعامًا أو شرابًا ما قبله.
عباد الله، إن التسوّل إحدى ظواهر الخلط في المجتمعات، ولا يخلو مجتمع مهما كان تقدّمه حتى في أوربا وأمريكا، لا يخلو مجتمع من هذه الظاهرة، وما علموا أن هذه المهنة تؤثّر على كرامة الإنسان.
إن التسوّل قد يدفع الأطفال إلى التسرّب من المدرسة، ويعرّضهم إلى مظاهر من الاستغلال، بل فيه تعريض لهم إلى مخاطر الانحراف والإجرام.
فلاحظ أنهم يتواجدون في الأسواق وعند أبواب المساجد وعند إشارات المرور، يستخدمون أساليب في استعطاف الناس من ارتداء الملابس البالية أو حمل الأطفال، والغريب أن هؤلاء يتمتعون بصحة جيّدة، ولا أدلّ على ذلك وقوفهم في شدّة الحرّ عند إشارات المرور.
ثم بعد ذلك قامت دراسة ميدانية لهؤلاء ووُجد أن من أهمّ أسباب التسوّل البطالة ثم الحاجة إلى العائد المغري غير المكلِف.
أما حكم التسوّل فقد حرّم العلماء التسوّل وسؤال الناس بغير ضرورة أو حاجة مهمّة، ثم قالوا: إن الأصل فيه التحريم، لأنه لا ينفكّ عن ثلاثة أمور محرّمة:
الأول: إظهار الشكوى من الله تعالى؛ إذ السؤال إظهار للفقر، وذكر لقصور نعمة الله تعالى، وهو عين الشكوى.
والثاني: أن فيه إذلال السائل نفسَه لغير الله تعالى.
والثالث: أنه لا ينفكّ عن إيذاء المسؤول غالبًا.
وقال ابن القيم رحمه الله: "إن المسألة في الأصل حرام، وإنما أبيحَت للحاجة والضرورة؛ لأنه ظلم في حق الربوبية، وظلم في حق المسؤول، وظلم في حق السائل".
إن الإلحاح على السؤال ينافي حال الرضا ووصفه، ولقد أثنى الله عز وجل على الذين لا يسألون الناس إلحافًا فقال جل وعلا: يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَـٰهُمْ لاَ يَسْـئَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافًا [البقرة:273]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: (من كان عنده غداء لا يسأل عشاءً، وإذا كان عنده عشاء لا يسأل غداءً).
والآية الكريمة من سورة البقرة اقتضت ترك السؤال مطلقًا، لأنهم وُصِفوا بالتعفّف والمعرفة بسيماهم دون الإفصاح بالمسألة؛ لأنهم لو أفصحوا بالسؤال لم يحسبهم الجاهل أغنياء.
ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: قال رسول الله : ((ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم))، وفي مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله قال: ((ليس المسكين بهذا الطوّاف الذي يطوف على الناس، فتردّه اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان))، قالوا: فما المسكين يا رسول الله؟ قال: ((الذي لا يجد غِنى يغنيه، ولا يُفطَن له فيتصدَّق عليه، ولا يسأل الناس شيئًا))، وفي البخاري عن الزبير عن النبي أنه قال: ((لأن يأخذ أحدكم حبله، فيأتي بحزمة من الحطب على ظهره، فيبيعها فيكفّ الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه))، إن جمع حزمة من الحطب ـ ممّا رغب عنه الناس ـ أو من كلأ مباح، يحمله الرجل على ظهره، ويبيعه بدرهم أو درهمين، يحفظ بذلك على نفسه كرامتها، ويحفظ عزّها، ويقي وجهه من ذلّ السؤال، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه.
قال فيما رواه ابن مسعود رضي الله أنه قال: ((من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تُسدَّ فاقته، ومن أنزلها بالله أوشك الله بالغنى، إما بموت عاجل أو غنى عاجل)) رواه أبو داود، ورواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح".
لقد سمع عمر رضي الله عنه سائلاً يسأل بعد المغرب فقال لرجل من القوم: قم عشِّ هذا الرجل، فعشاه، ثم سمعه ثانية ثم قال: ألم أقل لك عشِّ الرجل؟! فقال: يا عمر، قد عشيتُه، فنظر عمر فإذا تحت يده مخلاة مملوءة خبزًا، فقال له عمر: لست سائلاً، ولكنك تاجر، ثم أخذ المخلاة ونثرها بين يدي إبل الصدقة، ثم ضربه بالدرّة وقال له: لا تعُد.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: لِلْفُقَرَاء ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي ٱلأرْضِ يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَـٰهُمْ لاَ يَسْـئَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافًا [البقرة:273].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.




الخطبة الثانية
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: عباد الله، فعن قبيصة بن مخارق الهلالي رضي الله عنه، قال: تحمّلتُ حمالة ـ أي: دية أو غرامة يحملها الإنسان بسبب الصلح بين الناس ـ فأتيت رسول الله أسأله فيها، فقال له: ((أقم حتى تأتينا الصدقة فتأمر لك بها))، ثم قال: ((يا قبيصة، إن المسألة لا تحلّ إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمَّل حمالة فحلّت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلّت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش ـ أو قال: ـ سدادًا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه: لقد أصابت فلانًا فاقة فحلّت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش ـ أو قال: ـ سدادًا من عيش، فما سواها من المسألة ـ يا قبيصة ـ سحت يأكلها صاحبها سحتًا)) رواه الإمام مسلم.
ولما جاء حكيم بن حزام رضي الله عنه إلى النبي سأله فأعطاه، ثم قال: سألته فأعطاني، ثم قال: ((يا حكيم، إن هذه المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارَك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى))، قال حكيم رضي الله عنه: فقلت: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدًا بعدك شيئًا حتى أفارق الدنيا، وكان أبو بكر رضي الله عنه يدعو حكيمًا إلى العطاء فيأبى، ثم إن عمر دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه شيئًا، ثم قال عمر: إني أشهدكم ـ أيها المسلمون ـ على حكيم أني أعرض عليه حقّه من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه، فلم يرزأ حكيم أحدًا من الناس بعد رسول الله حتى توفيّ. حديث متفق على صحته.
أيها المسلمون، إن النصوص الدالة على ذم التسوّل كثيرة، ولا صحّة لما يستدلّ به بعض العوام: "لو صدق السائل ما أفلح من ردَّه".
فلا تحسبنّ الموت موت البلى فإنما الموت سؤال الرجال
كلاهمـا مـوت ولكـن ذا أشدّ من ذاك لذل السؤال
يكفي ـ يا عباد الله ـ أن التسوّل يورث الذلّ والهوان في الدنيا والآخرة، وأن هذا العمل عمل دنيء تمجّه الأذواق السليمة، وأن فيه دلالة على دناءة النفس وحقارتها.
فعلينا جميعًا ـ يا عباد الله ـ أن تحذّر أنفسنا من هذه، وأن تحارب هذه الظاهرة بجميع ما نملك.
هذا وصلوا على النبي المصطفى والرسول المجتبى فقد أمرنا الله جل وعلا أن نصلي عليه فقال: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلِّم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء
...
__________________

المناضل السليماني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس