عرض مشاركة واحدة
قديم 25-01-2010, 05:16 PM
  #1
سعيد شايع
.::قلم من ذهـب::.
 الصورة الرمزية سعيد شايع
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الجبيل
المشاركات: 972
سعيد شايع has much to be proud ofسعيد شايع has much to be proud ofسعيد شايع has much to be proud ofسعيد شايع has much to be proud ofسعيد شايع has much to be proud ofسعيد شايع has much to be proud ofسعيد شايع has much to be proud ofسعيد شايع has much to be proud ofسعيد شايع has much to be proud ofسعيد شايع has much to be proud of
افتراضي الإضـــاعـــــة الأولــــــى

أخي الحبيب:

السلام عليك ورحمة الله وبركاته

أما بعد:

فإنها والله فرصة عظيمة لألتقي أنا وإياك على مائدة

من موائد سلفنا الصالح ، لنرى كيف كان كلامهم

وعلمهم ومكانتهم وتركيزهم على أساسيات وأصول

في حياة المسلم ، وإن مما أعجبت به ووجدت له وقعا في قلبي

ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ إذ يقول:

" إضاعتان هما أصل كل إضاعة "

1 ـ إضاعة القلب:

2 ـ وإضاعة الوقت:

الله أكبر ما أعظم الكلام ، وأقله وأنفعه ، وما أجمل الوقوف معه ، أخي المبارك:

نحن بحاجة إلى الوقف مع مثل هذا الكلام ، فطول نفسك ، وروض نفسك ، وركز

فيما تقرأ ، وتأمل فيه ودقق النظر ، وانظر في واقعك وواقع من حولك لعلك

توافقني ، أن كل ما يضيعه العبد سواء من دينه أو دنياه راجع إلى هاتين الإضاعتين

خسارة الدنيا والآخرة راجعة إلى هاتين الكلمتين ، لذا يقول ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ

" إني لأعجب من الرجل سبهلالا ، لا في أمر دين ولا دنيا نفع "

ولعلي ـ أخي الحبيب ـ أن أقف أنا وإياك حول الإضاعة الأولى في هذا اللقاء ألا وهي إضاعة القلب

قال عنها ابن تيمية ـ رحمه الله ـ هي من إيثار الدنيا على الآخرة ، قال تعالى

{ بل تؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة } وقال تعالى

{ يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون }

فالوقوع في الشهوات والانغماس فيها يقسي القلب ويبعده عن ذكر الله ، ولله در ابن تيمية حين قال:

( إذا كانت الملائكة المخلوقة لا تدخل بيتا فيه كلب أو صورة ، فكيف تدخل محبة الله

ـ عز وجل ـ وحلاوة ذكره في قلب ممتلئ بكلاب الشهوات وصورها ) وصدق الله

{ زين للناس حب الشهوات } وقال ـ عز وجل ـ

{ فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا }

والشبهات والشهوات في هذا العصر كثيرة جدا ، أما الشهوات وصية مفيدة ونافعة في

الخلاص والسلامة من الوقوع فيها ، قال عنها ابن القيم: ( ما أعلم أني انتفعت بوصية في

دفع الشبهات كانتفاعي بما قاله لي شيخ الإسلام ابن تيمية ، وقد جعلت أورد عليه إيرادا

بعد إيراد ، قال " لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة ، فيتشـربها فلا ينضح إلا بها

ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة ، تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر بها ، فيراها بصفائه ، ويدفعها

بصلابته وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليها صار مقرا للشبهات " أما فتنة الشهوات فأعظمها

فتنة الأصوات والصور المحرمة ، فقد وَلِعَ بها الكثير ، حتى ممن نرى عليهم سمات الصلاح ، بل قد

وقع فيها ممن ينتسب للعلم والدعوة ، وإن كانت فتنة الصور أشد فتكاً ، ولئن سلم فئام من المتديِّنة

من شراك الصور الفاتنة ، لكن قد أسرتهم الأصوات الملحنة ، فإن غناء المجون والأناشيد ، وفتنة

الأصوات سبيل الولوج في فتنة الصور ، ولو تأملت في حال عشاق الأغاني لا تكاد تجد سيارته أو

غرفته أو جواله أو..أو إلا وبها صورة ذلك المغني الفاسق أو المغنية المتبرجة الفاسقة

فالغناء رقية الزنى ، ما علم هؤلاء الغافلون أن رسالة الإسلام روح القلب ونوره وحياته

فأي صلاح للعبد إذا عدم الروح والحياة والنور؟!..والعبد ما لم تشرق في قلبه شمس الرسالة

ويناله من حياتها وروحها فهو في ظلمة ، وهو من الأموات ، لذا قال الله تعالى

{ أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها }

يقول ابن القيم: " قد يمرض القلب ويشتد مرضه ، ولا يعرف صاحبه ما به ، لاشتغاله وانصرافه عن

معرفة صحته وأسبابها ، بل قد يموت وصاحبه لا يشعر بموته ، وعلامة ذلك أنه لا تؤلمه جراحات

القبائح ، ولا يوجعه جهله بالحق ، وعقائده الباطلة ، فإن القلب إذا كان فيه حياة تألم بورود

القبيح عليه ، وتألم بجهله بالحق بحسب حياته "وما لجرح بميت إيلام " فإذا لم تجد للعمل حلاوة

في قلبك وانشراحا في صدرك ، فاتهمه فإن الرب تعالى شكور: يعني أنه لا بد أن يثيب العامل على

عمله في الدنيا من حلاوة يجدها في قلبه وإذا لم يجد فعمله مدخول ، والقلب إذا انفتحت له الشهوة

انفتح باب الشر والسهو ، فيبقى القلب معمورا فيما يهواه ويخشاه غافلا عن الله ، رائدا غير الله ، ساهيا

عن ذكره ، قد اشتغل بغير الله ، قد انفرط أمره ، قد ران حب الدنيا على قلبه ، فمن أراد صفاء قلبه

فليؤثر الله على شهوته ، إذ القلوب المتعلقة بالشهوات محجوبة عن الله تعالى بقدر تعلقها

، فالقلوب آنية الله في أرضه ،

فأحبها إليه أرقها وأصلبها وأصفاها

وإذا غذي القلب بالتذكر ، وسقي بالتفكر ، ونقي من الدغل ، رأى العجائب وألهم الحكمة

وينبغي ـ أخي الحبيب ـ أن نلتفت لقضية مهمة ، ألا وهي:

أن عقولنا تحثنا على التوبة ، وأهوائنا تمنعنا ، والحرب بين عقولنا وأهوائنا قائمة ، فلو جهزنا

جيش وعزمنا على السير لفر العدو ، قال أحدهم وهو يعرض مشكلة له على أحد العلماء فقال:

إنني أنوي قيام الليل فأنام ، فما السبب؟

فتلى عليه قول الحق { قل هو من عند أنفسكم }

عصيت بالنهار فنمت بالليل ، وأكلت وشربت الحرام فأظلم قلبك

فلما فتح باب الوصول للمقبولين عند ربهم ؛ طردت أنت ، فسبحان الله القائل العليم

{ يحول بين المرء وقلبه }

والحل والمخرج لسلامة قلوبنا هو ما قاله ابن القيم ـ رحمه الله ـ

" إن في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وعليه وحشة لا يزيلها إلا الأنس به

وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته ، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه

وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه ، وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته ودوام ذكره والإخلاص له

ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا "

إلى لقاء آخر مع الإضاعة الثانية ـ إن شاء الله ـ
__________________

عــــش مـــع الـــقــرآن .... تــعــش الــــحــيــاة
سعيد شايع غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس