عرض مشاركة واحدة
قديم 31-07-2008, 12:47 AM
  #1
أبو زيد
..:: قلم من ذهب ::..
 الصورة الرمزية أبو زيد
تاريخ التسجيل: Mar 2005
الدولة: مكان ما
المشاركات: 2,177
أبو زيد has a reputation beyond reputeأبو زيد has a reputation beyond reputeأبو زيد has a reputation beyond reputeأبو زيد has a reputation beyond reputeأبو زيد has a reputation beyond reputeأبو زيد has a reputation beyond reputeأبو زيد has a reputation beyond reputeأبو زيد has a reputation beyond reputeأبو زيد has a reputation beyond reputeأبو زيد has a reputation beyond reputeأبو زيد has a reputation beyond repute
افتراضي الناس و الجديد !!

قيل قديماً: "الناس أعداء ما جهلوا"
ويقول أبو زيد -غفر الله له- : " الناس أعداء الجديد".
نعم ! يحارب المجتمع البشري كل ما يستجد له من أمور الحياة.
وبالمثال يتضح المقال: كان أحدهم يستنكر على من يقتني الهاتف الجوّال بحجّة أنه -أي الجوّال- لأصحاب الأموال والأعمال الكثيرة ولا حاجة لعامة الناس به، ثم ما لبث أن اقتناه.
صاروا بعد ذلك يحاربون الجوّال ذي آلة التصوير وينتقصون قدر من يشتريه أو حتى يحرّمونه، حتى أن أحدهم ألقى عليّ محاضرة طويلة يشرح لي فيها أن شيخه -الفلاني- يحّرم التصوير وخصوصاً بالجوّال، والآن يسمحون لك بأن تصورهم بذات الجوّال هذا إلّم يطلبون منك ذلك.
قبل ذلك كلّه، كان من العيب العظيم والعار الشنيع والذنب الذي لا يغفرونه أن يُرى فوق منزلك طبق لاقط، بل عدّوا ذلك من ( الدياثة ).
والآن ... منذا الذي لا يشاهد ( الجزيرة ) بحجة أن أخبارها صريحة وعاجلة وأنها ( تكشف المستور )؟ و منذا الذي لا ينصب ذلك الصحن نهاراً جهاراً بحجة متابعة ( المجد ) ؟ ولو سألته عن أشهر برامجها لم يستطع إلا ألا يجيب. وما ذلك إلا لأن ( المجد ) و( الجزيرة ) أصبحتا شماعة من لا شماعة لديه.
وهذا يثبت لنا أن الامتناع لم يكن إلا بسبب الخوف من السطوة الاجتماعية -التي بدأت بالتفكك شيئاً فشيئاً- وكان ذلك كلّه يغطّى بالفتاوى الدينية، وعندما بدأ أحدهم بذلك انفرط العقد وانتشر ذلك الجهاز (المستقبـِل) في جميع المجالس وخفت وطأة الهاجس الاجتماعي، ومع ذلك كلّه فالعذر موجود: (المجد) و(الجزيرة) !!
إن الجديد يثير حفيظة المجتمعات ويهيّج النفوس ويحرج القلوب ويحرّك العواطف، ويتضح ذلك جليّاً في المجتمعات الصغيرة -كحال مجتمع القرية وغيره- ، لكن الأنفس لا تلبث إلا أن تهدأ مع مرور الوقت، ولا تلبث العواطف إلا أن تخمد، ولا يلبث الخجل من المحيطين إلا أن ينجلي عن عادات وأفعال لم تكن في الحسبان أظهرها العقل الباطن وهم لا يشعرون.
كل ذلك لأننا اعتدنا على الجديد الذي لم يعد جديداً، نراه ونعايشه كل يوم في الشارع والسوق والمدرسة والمسجد وعند الجيران والأصدقاء فألفته عيوننا وارتاحت له قلوبنا واستأنسته نفوسنا فلم نعد نستنكره أو نبغضه أو حتى لم نعد نحرّمه -أعني التحريم الاجتماعي وليس الشرعي-.
ما دام الجديد لا يخالف الشرع ولا يخدش الذوق، فلماذا نحاربه ونرفضه ؟! هل ذلك بحجة أنه مخالف لما تعارف عليه الناس مثلاً ؟ فما الذي يضمن ألا يتغير عرف الناس ويصبح ذلك الجديد مما اتفق عليه الناس يوماً ما.
قد يمتنع الشخص عن الجديد ( أو بالأحرى التجديد ) في ملبسه أو مركبه أو زينته أو أسلوب حياته أو طريقة خطابه أو في أي أمر من أمور حياته، وهذا أمر راجع له، لا ينازعه عليه أحد.
لكن أن يحاول إجبار الناس على التمسّك بما تمسّك به هو فهذا -لعمري- قمّة التعصّب للرأي والانغلاق على الذات، وهذا ما لا يقبله دين ولا منطق ولا عقل ولا حتى جنون.
وأختم بقول سيدنا عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- حيث قال: " لا تجبروا أبناءكم على أخلاقكم فإنهم خلقوا في زمان غير زمانكم" ، فإذا كان الفاروق يقول ذلك في حق أبناء من يخطابهم -وهم أبناؤهم من أصلابهم- فكيف بمن هم أبناء أنفسهم ليس لأحد عليهم سلطان إلا الذي خلقهم.



الأربعاء
27/7/1429 هـ
30/7/2008 م
__________________
الـجـراد يـأكــل البـعـوض،
والعصفور يفــترس الجراد،
والحيّة تصطـاد العصـافير،
والـقنفـذ يــقــتـل الــحيّـة،
والـثعـلـب يأكـل الـقـنـفذ،
والـذئـب يفـترس الثـعـلـب،
والأســد يــقــتــل الـذئـب،
والإنسان يـصـطـاد الأسـد،
والـبـعـوض يـميت الإنسان ...

هذه هي السلسلة الخالدة لا تبديل لها ولا تغيير.

إما أن تقتل الأسد وإما أن يقتلك البعوض !!
فيا شباب ! لا يغلبكم البعوض ولكن اغلبوا الأسود.

( علي الطنطاوي )
أبو زيد غير متواجد حالياً