بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الكريم / صاحب المشاركة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تساؤلك قد يتسائله كثيرٌ من الناس وهذا جائز ، وإليك وجهة نظر متواضعه من أخ لك يريد لك الخير كما يريده لنفسه.

إن العادات والتقاليد أخي الكريم قليلٌ منها مايوافق الدين والعقل وكثيرٌ منها مايخالف الدين والعقل ،بل والكثير

منها عادة مايصادر الحقوق التي منحها الله عز وجل للشخص ، والإسلام عندما جاء ألغى الكثير من العادات

والتقاليد وأقر القليل منها والذي هو لايخالف تعاليم الدين ويتفق مع مكارم الأخلاق ، يقول الرسول الكريم

صلى الله عليه وسلم : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).

هذا من ناحية العادات والتقاليد ، مع إضافة بسيطة وهي أنه ومن وجهة نظري أن كثيراً من العادات والتقاليد

عندنا نحن أهل الجنوب فيها مصادرة واضحة وعلنيه لأبسط الحقوق التي كفلها لنا الدين الحنيف فما بالك

بأعظمها ، مع إقراري وبكل فخر بأن هناك عادات وتقاليد رائعة وعظيمة موجودة لدينا أيضاً نحن أهل

الجنوب قلّما تجدها في مكان آخر.

أمّا مايخص تساؤلك فأقول لك وبوضوح :

لن يحرص أحدٌ على راحته وسعادته مثل الشخص نفسه ولاأحد يعرف ماينفعه ومايضره أكثر من الشخص

نفسه يقول الرب جلّ في علاه : (بل الإنسان على نفسه بصيره).

وبما أنّك تعرف أن هذه الفتاة على خلق و تصلح لأن تكون زوجة ، وأنا هنا أسلّم بهذا وإلا لما كنت أقدمت

على التفكير بالإرتباط بها وإتخاذها زوجة لك ، وبما أن القناعة موجودة لديكما في أن الإرتباط ببعضكما

هو المصير الذي تودّانه ،فإحذر ثم إحذر ثم إحذر أن تجعل من إختلاف العادات والتقاليد عائقاً أمامك فبالحب

والتفاهم تستطيعا أن تقرّبا بين هذه العادات والتقاليد ، بل وتستطيعا أن تميّزا بين الصحيح والخاطئ من هذه

العادات وفي الأخير لايصح إلا الصحيح فمتى وجدت أخي الكريم عادة من العادات أو تقليداً من التقاليد لايقّره

الدين أو العقل،فدعه وأنت بكامل قناعتك وبإرتياح تام،فما لم ينزّل الله به من سلطان،فلا صحة ولا داعي له .

أخي الكريم يقول الرسول الكريم : ( لم نرى للمتاحبين مثل النكاح ) .

وعندما تنظر إلى المعنى الذي إشتمل عليه هذا الحديث تجد أنه عين العقل والصواب فالإنسان لا يستطيع العيش

بدون مشاعره وإن حصل وعاش أحدٌ من الناس بلا مشاعر فإنه يعيش بلا إتّزان ، أليس من خلقنا سبحانه هو من

جعل فينا هذه المشاعر والأحاسيس ، إذن فلماذا نصادر بأنفسنا من أنفسنا هذه الأشياء الجميلة التي وهبنا

إيّاها الرب سبحانه مجاملة للناس أو تمشيّاً مع عاداتٍ إخترعها وأقرّها الأجداد بكل ماكان لديهم من قلّة المعرفة

والإطلاع والعلم رحمهم الله وغفر لهم ثم فلتنظر أخي الكريم إلى العلماء في قديم الزمان وأعني علماء الدين

والذين كانو يجوبون البلاد الإسلامية من اليمن إلى الشام ومن الحجاز إلى بلاد المغرب العربي بحثاً عن الحديث

والفقه وشتّى أنواع العلوم الأخرى ، ثم إن الرجل منهم إذا إلتقى بفتاة نالت إستحسانه ، فإنه يتزوج منها ولم

تحل العادات والتقاليد بينه وبين مراده ، مع أن هذه الفتاة من ديارٍ تبعد عن أهله ودياره أكثر من بعد نجد عن

الجنوب وهم مع تسليمنا بذلك أعلم وأفهم منا بأمور الدين وقدأنار الله عقولهم

بنور القرآن والحديث والعلم ، فلنا فيهم قدوة حسنه.ثم فلتعلم أخي الكريم أن الناس فيما مضى كانو يرون

الفتيات في الطرقات والأسواق ويتحدّثون إليهن في أمورهم اليومية إمّا عند البيع والشراء أو فيما خلاف ذلك

بسبب ظروف وطبيعة الحياة آنذاك ، ثم يقرر الرجل بناءً على هذا وفي أغلب الأحوال من هي الفتاة التي

يرتبط بها والتي يميل قلبه وعقله إليها ولنا في نبي الله موسى عليه السلام وإبنة نبي الله شعيب عليه السلام

خيرمثال على ذلك وما حصل بينهما من تقارب عفيف وكيف أنها ذهبت إلى والدها وطلبت منه أن يستأجره

وكيف رضي هو عليه السلام ودفع مهرها عشر سنواتٍ من عمره الشريف .

وختاماً أخي الكريم لا أجد ماأضيفه ولكن يقول الرسول الكريم : ( الدين النصيحة ) ، وذكر في من ذكر ضمن من

يستحق النصيحة عامة الناس ، فكيف إذا طلبها أخ من المسلمين فالنصيحة في حقه أوجب ، لذا أخي الكريم

إستخر ربّك سبحانه قبل أن تقدم على أي أمرٍ من الأمور ثم إعقلها وتوكّل على الله سبحانه ، وإعلم أن من

أفضل نعم الله على العبد المرأة الصالحة التي تسر زوجها إذا نظر إليها وتحرص على راحته وتحفظ بيته وشرفه

ولا تنخدع في كلام من لم يتسّع أفقهم ولم يصل فكرهم سوى إلى عادات ونظريات أكل عليها الزمن وشرب

وأنت أعلم الخلق كافة بما يضرّك وما ينفعك ،فلو لم تكن عاقلاً بما يكفي لما طرحت هذا التساؤل ولما ترويت

في الأمر ، وأسأل الله العلي القدير أن يكتب لك الخيرحيث كان وأن يرضيك به ، وأن يصرف عنك الشر حيث

كان وأن يبدلك خيراً منه .

أخي الكريم :

أعلم أني تطرقت في معرض ردي هذا على مشاركتك إلى أمور لم تسأل عنها وقد تكون أعلم بها مني ولكن

هكذا جرى قلمي ، فأعذرني على الإطالة إن كنت أطلت ، والعذر أيضاً إن لم يكن في هذا الرد المتواضع

مايجيب على تساؤلاتك ، هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا وحبيبنا محمد وسلّم.

وتقبل تحيات وتقدير أخوك.