عرض مشاركة واحدة
قديم 04-12-2006, 01:45 AM
  #5
أبو عامرية
عضو
تاريخ التسجيل: Sep 2006
المشاركات: 31
أبو عامرية is on a distinguished road
افتراضي رد : تقريرعن المسامرة التاريخية التي نظمها نادي جازان الأدبي حول اكتشافات أبو عامرية

28-11-2006, 10:13 Pm رقم المشاركة : 5
هادي أبوعامرية




--------------------------------------------------------------------------------

غزوة تبوك ونزول المسلمين بالحجر


وعدت الأخوة القراء في المقال السابق, أن أقف ثلاث وقفات مع خبر نزول المسلمين بالحجر في غزوة تبوك.

الوقفة الأولى: «نزول المسلمين على آبار ثمود»...
و هذا الخبر ورد في الحديث الذي رواه أحمد عن ابن عمر, ولا يمكنني إيراد نصوص الأحاديث كاملة في هذه المقالات الموجزة, بل سأجتزئ منها بعض العبارات, واكتفي من هذا الحديث بهذه العبارة «لما نزل رسول الله  بالناس على تبوك نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود..... إلخ».
إذا نحن عدنا إلى كتاب الله, وتلمسنا صفة موطن ثمود الواردة في القرآن, نجدها تضاد وتناقض الصفة الواردة في هذا الحديث, وهذا التناقض يوجب علينا عدم تجاوز ما في كتاب الله إلى أمر يضاده مع علمنا بهذا التضاد, فكيف إذا تيقنا أن كلمة «عند بيوت ثمود» الواردة في الحديث من كلام رواته, ألا نعلم عندئذ أن لاشيء علينا في عدم الإقرار بالحجر موطن لثمود, إقرأوا الآيات 146 – 147 من سورة الشعراء, قال تعالى: أتتركون فيما هاهنا آمنين في جنات وعيونالشعراء آية 146,147.
هل يمكن لأهل موطن تجري عيون الماء في مزروعاتهم وفي أوديتهم, ثم ينصرفون عنها إلى حفر الآبار للحصول على الماء, مع ما في ذلك من مشقة الحفر, ومشقة الدلاء والأرشية والمتح والجذب, لا يمكن لعاقل أن يفعل ذلك, والإنسان ميال للراحة والدعة بطبعه, ألا يعني هذا أن حجر وادي القرى ليس موطن ثمود؟؟ لقد ذكرت في أكثر من مناسبة أن في القرآن إشارات تدل على أن قوم لوط سكنوا حجر وادي القرى قبل الأنباط, وهم المعنيون بقول رسول الله  في الحجر لأصحابه «إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم».
الوقفة الثانية البئر التي كانت تشرب منها الناقة:
نفس الحديث «فأمرهم النبي  فأهرقوا القدور وعلفوا العجين الإبل ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة».
وهذا القول أيضاً يتوقف أمامه العارف متردداً, كيف يوفق بينه وبين النصوص القرآنية عن مشرب الناقة, فالناقة حسب الآيات الواردة في سقياها تؤكد أنها تشرب بنفسها دون معين!, وفصيلها معها يشرب حيث ترد, وهي ترد حين تحتاج الماء, وحيث شاءت إرادة الله, بما قد سلف في قضائه من فتنة وابتلاء لثمود, فمرعاها وسقياها كان ابتلاءً وفتنة, وأريد أن يبين لي من يرى أن الناقة كانت ترد بئراً, هل كانت تشرب من قعر البئر بنفسها, أم كانت ثمود تتولى جذب الماء لها؟, على من يقول إنها كانت تشرب من البئر بنفسها أن يأت بدليل أنها كانت لها قدرة على جذب الماء بالدلاء, تمسك الرشاء بأخفافها, أو أن جرينها كان يطول عشرين أو ثلاثين متراً, فتشرب من البئر هنيئاً مريئاً, ثم لا يشدها جرينها إن حاولت نزعه, فتسقط في قعر البئر, فسيكون جرينها عشرة أضعاف وزنها أو يزيد, تبعاً لما زاد في طوله.
فإن قيل بل كانت ثمود تسقيها, تملأ لها مئات الأحواض حتى ترتوي قلنا إن هذا يخالف القرآن.
قال تعالى في سورة القمر: « إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر  ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر».
لقد كان الماء قسمة بين ثمود والناقة بالتساوي, والحديث الآنف يجعل للناقة بئراًَ واحدة, ولثمود آباراً, وقال تعالى في سورة الشعراء: «قال هذه ناقة الله لها شرب ولكم شرب يوم معلوم  ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم», أي لا تخالفوا هذه القسمة في الماء, فتشاركوها في الماء يوم شربها أو تؤذوها فيه, وهذا يعني أن يكون المورد واحداً, فإن تعدد فإن الناقة تستطيع الوصول بيسر إلى جميع الموارد.
والقرآن ينص على أن الناقة كانت تشرب بنفسها, ولم يكلف الله تعالى ثمود بسقياها, بل نهاهم عن التعرض لها في مرعاها وشربها.
قال تعالى في سورة الأعراف: «ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب», وإذا كان الله قد قال لهم: «فذروها تأكل في أرض الله», فالشرب يدخل ضمناً في النهي.
وفي سورة الشمس: «فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها»,يقول أصحاب اللغة: ناقة الله منصوب على فعل مقدر محذوف تقديره – ذروا – وسقياها معطوف على ناقة آهـ -, والتقدير ذروا ناقة الله وذروا سقياها, وفي ذلك دليل قاطع على أن الناقة كانت ترعى وترد الماء دون عون من البشر, وإذا كنا قد انتهينا إلى أن مياه ثمود كانت عيوناً وفي مثل ذلك تتحقق قسمة الماء, كما يتحقق العدل في القسمة, ولا يتحقق العدل إذا تولت ثمود سقي الناقة من بئر أو خلافه, ذلك أشبه بمن استرعى الذئب الغنم, ثم ما حاجتهم إلى عقرها إن كان الأمر كذلك, أما كان يكفيهم أن يمتنعوا عن سقياها حتى تهلك عطشاً, ويغلب على ظني أن موطن ثمود يتعذر فيه حفر الآبار, وإلا لحفر كل منهم بئراً في داره, حين ابتلوا بقسمة الماء, وسيقول هذه بئري لاحظ للناقة فيها, وهذه الصفات الآنفة تتوفر في جبل القهر ولا تتوفر في الحجر, من حيث الأودية والمناهل والأرض الصخرية التي يتعذر فيها حفر الآبار.

الوقفة الثالثة والأخيرة:
أبو رغال جد ثقيف وغصن الذهب, وسأتحدث عنه في المقال القادم.


هادي علي أحمد أبوعامرية
أبو عامرية غير متواجد حالياً