
عندما نضع الحقائق في مواضعها?
هل يقلقكم ذلك الخبر الذي يحكي عن زواج الرجل من شغالته أو زواج المرأة من سائقها .
لقد انتشرت مثل هذه الأخبار في السنوات العشر الأخيرة.. وتناولتها وسائل الإعلام حسب أهوائها ، فمنها ما يريد إثبات ضعف دعائم الأسرة في المجتمع الإسلامي وخصوصاً في دول الخليج .
نسمع تلك الأخبار ثم تختلف وجهات نظر كل واحد منا فمنا من يتأفف ومنا من يتأسف ومنا من يلوك ذلك كالعلك ، ولكن أكثرنا يسارع في لوم الرجل أو لوم المرأة..
ولكن..مهلاً قفوا لأحدثكم بحديث يختلف تماماً عن إبداء وجهة النظر أو اللوم أو العتاب أو المهزلة ، ذلك الحديث قد يثلج صدري وصدوركم ويجعلنا نفكر بجدية أكثر لإخراج الأمة من الهاوية التي وقعت فيها .
إن الفطرة الإنسانية الكامنة في كل من الرجل والمرأة وميلهما إلى الآخر من أجل إرضاء الرجولة والأنوثة لا يمكن أن تتغير مهما تغير الزمان والمكان أو تغير الفارق الاجتماعي ، أو تغيرت أنماط الحياة .
فالإنسان مهما بلغ غناه أو فقره ومهما ركب أفخم السيارات وعاش في أفخم البيوت ، أو لم يركب إلا دراجة ولم يعش إلا في كوخ فهو يبقى ضعيفاً أمام حقيقة علاقته بالجنس الآخر .
فالعلاقة التي تربط الرجل بالمرأة هي علاقة الشعور بالسكينة ، التي يتحقق جزء منها بتذلل المرأة له ومسكنتها وعنايتها بالبيت وخدمتها للزوج ورعايتها للأطفال .
وتلك حقيقة بنها رسول الهدى معلم البشرية - صلى الله عليه وسلم – في أحاديثه الشريفة ، فقال وهو يُرغب في الزواج : " تزوجوا الولود الودود.. "
فالمرأة الودود : هي التي تتحبب إلى زوجها بحسن أخلاقها وجميل صفاتها وطاعتها وحفظها له .
وإذا فقد الرجل تلك الأشياء أو جزءاً كبيراً منها ثم وجدها عند أقرب امرأة منه وهي الشغالة فلن يتأخر عن الإقدام على الزواج منها فهو يبحث عن السكينة والراحة التي هي من متطلبات حياته الأساسية ، فالشغالة في الحقيقة تقوم بكل ما يجب أن تقوم به شريكة حياته فهي تحضر له الطعام وتكنس وتغسل وتكوي وتستقبل.. أليس ذلك حرياً أن يغريه بالذي لا يجده عند زوجته التي يرتبط بها بورقة عقد؟!!.
أما العلاقة التي تربط المرأة بالرجل فهي علاقة الشعور بالسكينة التي يتحقق جزء منها بقيام الرجل على أمورها وقيادتها وإشعارها بأنها سند وإحساسها بالأمان وتلك حقيقة بيَّنها القرآن والأحاديث الشريفة قال تعالى : ( الرجال قوامون على النساء ) أي أن الرجل يقوم بتدبير أمورها ويذب عنها ويحميها ويكفيها حمل أعباء الحياة التي تتطلب صفة الرجولة من خروج إلى الأسواق والتعامل مع الرجال ، أو الخروج للعمل لمشاركة الرجل في الإنفاق على الأسرة .
فإذا حرمت المرأة من تلك المتطلبات الأساسية في حياتها ووجدتها عند أقرب رجل تتعامل معه فلت تتأخر عن الإقدام على الزواج منه .
فحياة المرأة والرجل التي أصلها الكد والتعب لا يستطيع أحدهما أن يقضيها بسكينة مال لم يجد كل واحد منهما ما يكمله من شريك الحياة .
فإذا أردنا أن نكف آذاننا عن سماع مثل تلك الأخبار على كل واحد منا – رجلاً كان أو امرأة – علينا أن نفكر بالواجبات الملقاة على عواتقنا .