
هلا علمنــا أبنائـنــا الفصاحــة والأدب؟
أمر الحجاج صاحب حرسه أن يطوف بالليل ؛ فمن رآه بعد العشاء سكران ضربَ عنقه ؛ فطاف ليلةً من الليالي ، فوجد فتيان يتمايلون ، وعليهم أمارات السكْر ، فأحاطت بهم الغِلمَان ، وقال لهم صاحبُ الحرس : من أنتم حتى خالفتم أمر أمير المؤمنين ، وخرجتم في مثل هذا الوقت!
فقال أحدهم :
أنا ابنُ من دانتِ الرقابُ له 0000 ما بين مخزومِها وهاشِمِها
تأتيه بالرغْمِ وهي صاغرةٌ 0000 يأخذ من مالِها ومن دَمها
فأمسك عنه ، وقال : لعله من أقارب أميرِ المؤمنين! ؛ ثم قال للآخر : وأنت مَنْ تكون؟ فقال :
أنا ابنٌ لمن لا تَنْزِلُ الدهرَ قِدْرُهُ 0000 وإن نزلت يوماً فسوف تعود
ترى الناس أفواجاً إلى ضوء ناره 0000 فمنهم قيامٌ حولها وقعودُ
فأمسك عنه ، وقال : لعله ابن أشرف العرب ؛ ثم قال للآخر : وأنت مَنْ تكون؟ فأنشد على البديهة :
أنا ابنٌ لمن خاض الصفوف بعَزْمِهِ 0000 وقوَّمها بالسَّيفِ حتى استقامتِ
ورَكْبَاهُ لا ينفك رِجْلاَهُ منهما 0000 إذا الخيلُ في يوم الكريهة وَلَّتِ
فأمسك عنه أيضاً ، وقال : لعله ابن أشجع العرب ، واحتفظ عليهم .
فلما كان الصباح رفعَ أمرهم إليه ؛ فأحضرهم ، وكشف عن حالهم ؛ فإذا الأول ابن حجّام ، والثاني ابن فوّال ، والثالث ابن حائك!!
فتعجب من فصاحتهم ، وقال لجلسائه : علّموا أولادكم الأدب ، فوالله لولا فصاحتهم لضربْتُ أعناقهم.
فهلا علمنا أبنائنا الفصاحة والأدب؟؟؟