شبكة قحطان - مجالس قحطان - منتديات قحطان - وقــــفـــــات ... تــــربــــويــــة ( 3 )

(11)
إن استعداد المتربي للقبول والاستجابة من المربي يرتبط ارتباطا مباشرا بقدرات المربي التربوية
والاجتماعية والثقافية وقبل ذلك مظاهر التأسي والإقتداء ، ويبقى فارق السن والوضع الاجتماعي
والمادي وما شابهه من عوامل فرعية مؤثرة ولكنها ليست حاسمة ، وكذلك ينبغي للمربي مراعاة
المؤثرات الخارجية ، من استحضار المؤثرات المحيطة بالمتربي والتعامل معها بشكل مناسب ، فلا بد
أن يكون تأثير حقيقي ، وأن هذه المؤثرات تتمثل في المحيط العائلي ، والأصدقاء القدامى
والحالة المادية ، والبيئة الاجتماعية، ولقد كان ـ عليه الصلاة والسلام ـ يستحضر في تربيته لصحابته
بيئة المتربي وقبيلته ، بل وحتى عائلته الصغيرة.
(12)
بعض الناس عندما يتكلمون على فوائد العبادات يحولونها إلى فوائد دنيوية ، فيقولون في الصلاة
رياضة.. وفي الصيام فائدة لإزالة الفضلات.. والمفروض ألا تجعل الفوائد الدنيوية هي الأصل ، لأن
ذلك يؤدي إلى إضعاف الإخلاص والغفلة عن إرادة الآخرة ، ولذلك بين الله في كتابه حكمة الصوم
مثلا أنه سبب للتقوى ، فالفوائد الدينية هي الأصل ، والدنيوية ثانوية [ابن عثيمين]
ولذا ينبغي أن نتربى ونربي من حولنا ومن لنا علاقة به على الأصول وعلى الحكمة التي يريدها الله
واهتم بها النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ في تربيته لأصحابه ، لا على دراسات وتوقعات الدكتور فلا
أو البروفسور فلان ، وليس معنى هذا نبذها ولكنها ليست أولويات تربيتنا ، وحين لا نجعل البناء أصلاً
ننطلق منه في تربية المنهج الذي بين أيدينا ، فإننا ننقل المتربي للوقوع في أنواع:
الشبهات والشهوات والأفكار الدخيلة قبل بناء المفاهيم والثوابت والمسلمات الشرعية
والمربي ينبغي له اختيار معلم لمدرسة أو حلقة قرآنية يراعى فيها سلامة العقيدة والفكر والمنهج
وهذا الفقيه القدوة طاوس بن كيسان أراد ابنه السفر إلى مكة فقال له:
يا بني ، إذا قدمت مكة ، فجالس عمرو بن دينار ـ الإمام الكبير شيخ الحرم في زمانه ـ فإن أذنه كانت
قمعا للعلماء ، والقمع: هو ما تصب فيه السوائل ، فانظر كيف أوصاه بالصحبة الصالحة التي تعد
خارطة طريق لكل خير، خاصة في حال السفر ، فبم نوصي أبناءنا المسافرين للدراسة
أو العمل أو غير ذلك؟
(13)
الموهوب قد يلهيه تميزه وذكاءه وشغفه بالعلم عن التميز السلوكي ، فيحتاج إلى تزكية ليتميز سلوكيا
كما تميز علميا ، مع تذكيره بالنتيجة الأخروية ، قال ابن السماك:
( كتب رجل إلى أخ له: يا أخي: إنك قد أوتيت علما ، فلا تطفئن نور علمك بظلمة الذنوب ، فتبقى في
الظلمة يوم يسعى أهل العلم بنور علمهم )
ولذا تجد عند كثير من طلاب العلم كما من الحفظ والشهادات
وليس لديه من العمل بها شيئا ، تجد سلوكه .. خلقه .. تعامله .. مواعيده .. أخذه .. عطاءه ..لا ارتباط له
بما درس وتعلم ، ومثل هذا لا ينتفع منه الناس ، فهو كما قال الله { كالحمار يحمل أسفارا }.
(14)
عند اكتشاف المربي لكذب من يريد تربيته ، عليه أن يبين له فساد ذلك ، وأن الكذب ليس من الأخلاق
التي يترتب عليها كسب الحسنات ، وأنه أبغض الخلق إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأن
الله ـ سبحانه ـ لا يحب الكذاب ، وأن تقول له أنت ـ أيضا ـ أنا لا أحب الكذاب ، وتذكر له قصة موجزة
تبين ضرر الكذب ، وتدعوه إلى أن يستغفر الله مما فعل ، وتأخذ منه عهدا بأن لا يفعل ذلك مرة أخرى.
(15)
من المهم جدا أن نظهر أمام من نربيه بالمظهر الحقيقي بمعنى كما نريده ممن نربيه ، دون أن نجري
على شخصياتنا عمليات تجميل خادعة تتحول إلى ردات فعل غير إيجابية في نفوس أبنائنا وطلابنا
ولا يعني ترك الوقار والاعتناء المعتدل بالنفس والمظهر الحسن واللبس الجميل ، وليس التكلف المذموم
أو وضع الأقنعة المزيفة ، قال عمر بن الخطاب:"نهينا عن التكلف"