شبكة قحطان - مجالس قحطان - منتديات قحطان - كـــلــهـــا فــي ... الــنـار إلا واحــدة ( 1 )

أهلا وسهلا ومرحبا بك
ومع هذا الموضوع الذي هو من الموضوعات المهمة جدا
فإن الإنفراد بعقيدة صحيحة بين أمم ضالة ، يتطلب الصبر والمصابرة والثبات
فقد يبتلى الإنسان بمن يضيق به وبعقيدة ، وتوضع له المحاولات والمكر لفتنته عنها
ونحن عندما نقرأ القرآن نجد حرص الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ في دعوتهم بل
وفي حياتهم كلها ، يركزون على العقيدة ويسألون عنها ويتفقدونها ، فهذا يعقوب
ـ عليه الصلاة والسلام ـ يجمع أبناءه قبل موته ليطمأن على عقيدتهم وثباتهم وسيرهم
عليها بعد أن يغادر الحياة ، ترى أيظلون عنها بعد أن شرفوا بها ،أم يتبعون غيرهم
ممن هم على الشرك والفساد؟ فيقول:
{أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد
إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون }
ويوسف ـ عليه الصلاة والسلام ـ يبين للمسجونين مكانة أسرته ووظيفتها في قيادة
الناس إلى الله ونبذ الوثنية في عهده فيقول:
{إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون واتبعت ملة آبائي إبراهيم
وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء }
ثم يتابع نصحه لرفقاء السجن قائلا:
{ يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار }
لقد وفوا أبناء يعقوب لأبيهم ، وقاوموا أمواج الوثنية والشرك ، ولعلهم تحملوا في
ذلك آلاما رهيبة وأي ألم أبشع من تذبيح الأبناء واستحياء النساء؟
لكنهم مع تلك المحن لم يفقدوا عقيدتهم ، ولم تذوب شخصيتهم في أفكار غيرهم
ولم ينسوا أصل رسالتهم وتميزهم ، ولذا يقول الحق عنهم
{ ولقد اخترناهم على علم على العالمين }
لكن بني إسرائيل مع مر الزمان أخذوا ينحرفون عن ما اختاره الله لهم ، ويحاربون من
ثبتوا على الدين ولم ينشأ هذا الانحراف من غلبة عدو عليهم وتأثيره فيهم ، بل نشأ من
عند أنفسهم وتمردهم على الدين ومخالفتهم له ، فإذا هم يخلطون التوحيد بالشرك
وينسون اليوم الآخر ويرتكبون المعاصي دون خوف ولا حياء ، لا قيمة عندهم للأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر ، لقد انطلقوا على الأرض تسيرهم أهوائهم والمزاعم
المكذوبة فتفرقوا وانحرفوا ، ولم يبق منهم على دين موسى إلا من أخبر الله عنهم بقوله
{ ومن قوم موسى أمة يهدون وبه يعدلون }
ثم انتقلت الرسالة والقيادة لعيسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ ولكنهم اختلفوا وتفرقوا
وسخروا منه أكبر سخرية ، ورموه وأمه بأغلظ الإفك ، ثم ابتغوا قتله كما هي عادة
أسلافهم الذين خلوا من قبل ، لكن الله نجاه منهم ووقاه شرهم ورفعه إليه ، ولم يبق
على ما جاء به عيسى إلا { أمة مقتصدة } ويشاء الله عز وجل أن تكون الرسالة والقيادة
في العرب ليفتحوا بها صفحة جديدة في الحياة ، وفي هذا الانتقال الحاسم عرف العرب
بمكانتهم ودورهم القيادي والواجبات الثقيلة التي فرضتها الرسالة المحمدية التي قال الله
عنها { لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم }
ثم بين منازل الناس في خدمة هذه الرسالة والوفاء لها فقال:
{ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق
بالخيرات }فالسابق هو الذي أخذ هذا الدين بقوة وثبت عليه ودعا إليه وهو الموصوف
بقوله { كنتم خير أمة أخرجت للناس }
فالتميز هنا تميز دين ، لا تميز قَبَليٌ ولا تفصيل جغرافي ، وإنما خصائص عقدية وخلقية
وفكرية تنفع أصحابها ثم ينتفع بها من حولهم ، وهذه الخصائص هي قول الله
{ تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر }
والله لما رسم مثل هذه المعالم بين أن هناك أعمال تقترن بها فقال:
{ يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون وجاهدوا
في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو
سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على
الناس } فالشهداء على الناس لم يكونوا شهداء على الناس إلا بعد ما تعلموا دين محمد
ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعملوا به ثم دعوا إليه تلك هي الحقيقة التي تاه عنها جمهور
كثير من العرب ، زين لهم أصحاب الشبهات والشهوات فصدوهم عن السبيل ، استخفوهم
حتى هو بهم في الفسق والضلال ، قال الله
{ وإن كثيرا من الناس لفاسقون }
والصراع الدائر اليوم هو صراع بين أهل الحق وأهل الباطل ، صراع تزعمه المغضوب عليهم
والضالين واستخدموا في هذا الصراع المنحرفين عن منهج محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ
على أصحاب الحق من المتمسكين برسالته وسنته ، وهؤلاء هم الذين قال عنهم ـ عليه
الصلاة والسلام ـ " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى
يأتي أمر الله وهم كذلك " رواه مسلم وفي رواية " ولا من خالفهم "
هذا وإلى لقاء آخر إن شاء الله