شبكة قحطان - مجالس قحطان - منتديات قحطان

الخميس 18 ربيع الآخر 1429هـ الموافق 24 أبريل 2008م العدد (2764) السنة الثامنة

كتاب اليوم

علي سعد الموسى
رسالة لحراس الفضيلة

الذين يتذرعون بحراسة الفضيلة اليوم على طاولة الحوار الوطني في مدينة بريدة ويقفون سداً فولاذياً أمام حقوق المرأة في العمل هم نوعان: ترفيون يعرفون تماماً أن أذرعتهم الطويلة النافذة إلى أصحاب القرار قد ضمنت لنسائهم وحواشيهم أقرب الوظائف التعليمية إلى بوابة المنزل، وهؤلاء على الدوام يقطفون ثمار الشفعة الحسنة، فلم أجد أبلغ نفاقاً من شخص يصدر رأيه - لا فتواه - حول مجالات عمل المرأة، فيما ثماني من نسائه وبناته وحواشيه يتناوبن مدارس الحي المجاور تماماً، فلا يعرفن دهاليز - الديوان - ولم يذقن مرارة الهجرة إلى تثليث وتيماء وحزم الجلاميد طرداً وراء وظيفة. هذا النوع من البشر يحتاج إلى جهاز تفتيش قبل دخول صالة بريدة للحوار الوطني ليتفقد دفتر العائلة في جيبه، ثم يسأل السؤال: أين تعمل بناته؟.
النوع الثاني: فوقيون، لا ظن لهم إلا أن المرأة تبحث عن عمل من أجل السفور والسفر، فالذين اعتادوا براد صالات الأسهم والبنوك ورفاهية - الكاديلاك - وبرجوازية القصر الفاخر، لا يعيشون مأساة الأخريات من أولئك المسحوقات اللاتي لا يعرفن ألوان وأشكال النقود وهي تتغير ما بين فترة وأخرى.
خذوا هذه النماذج التي لن يصل صوتها لطاولة الحوار الوطني: تعمل (ش) حاضنة في مدرسة وتتقاضى دخلها من المعلمات مباشرة أجرة لها على رعاية بعض الرضع الذين تجود بهم الأرحام بين فينة وأخرى. عمرها (25 عاماً)، ومن سوء الطالع أنها لا تجد في حضانة المدرسة طوال هذا العام غير طفلين، وكل طفل بالشهر بـ200 ريال. مع هذا تجاهد كل صباح بأجرة يومية لا تزيد عن 13 ريالاً في المعدل. تعمل (أم عبدالله) أيضاً في شركة تشغيل كمجمع كليات نسائي حكومي، وقد تقوس ظهرها بعيد الـ70 من العمر. ومن أجل 700 ريال في الشهر تصطحب أم عبدالله بنتيها الشابتين للقيام ببعض مهمتها في وظيفة بهذا المبلغ الزهيد الذي تشترك في مهمته وأجرته ثلاث نساء. المؤسف المخجل المبكي أن الأم وبناتها يجمعن في نهاية اليوم الدراسي بقايا فتات بوفية الطعام من أجل بقية الأفواه الجائعة من بناتها في المنزل ولا تجد غضاضة أمام إداريات الكلية في القول: إن جمع بقايا الطعام للجياع من حولها هو الهدف لا الراتب.
أقسم لكم بالله أن ما بعاليه نموذجان حقيقيان أعرفهما بالواقع المعاش.
صرخة، أتمنى أن تصل لطاولة الحوار الوطني، كي يعرفوا أن الحاجة والفاقة مدخلان جوهريان لهتك الفضيلة