شبكة قحطان - مجالس قحطان - منتديات قحطان

شبكة قحطان - مجالس قحطان - منتديات قحطان (https://www.qahtaan.com/vb/index.php)
-   المجلس الـــــعــــــــام (https://www.qahtaan.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   هذا ليس ابى (https://www.qahtaan.com/vb/showthread.php?t=50392)

سعد ابوحيمد 28-03-2009 07:08 PM

هذا ليس ابى
 
هذا ليس ابى

روايه بقلم سعد ابو حيمد

كان يقود سيارته فى احد شوارع القرية الريفية , وكان الشارع على ضيقه ، مشغولا بالمارة والباعة , مما جعل سليمان الصالح السائح العربى , ان يقود سيارته بهدوء وتا نى , وقد لفت نظره اثناء مروره , رجل كبير السن , وهو يقف خلف عربة خشبية , يعلو سطحها اكوام من الفواكه والخضار, وبعد تجاوزه الزحام , اوقف سيارته جانبا , وعاد للوراء قاصدا ذلك الشيخ الذى لفت نظر ,وسلم عليه وطلب ان يبيعه شيئا من الفاكهة , ولم يساله عن السعر , فسليمان قد تعاطف معه ورق له قلبه , وقدر موقف هذا الشيخ , الذى لم يستسلم لمر حلة الشيخوخة , بل قاو مها بممارسة نوع من طلب الرزق , رغم مافيه من مشقة على من هو فى سنه , والذى ربما دفعه اليه حاجة ماسة او فقر , لذا فقد فرر سليمان ان يفعل شيئا من اجله , انهى الشيخ عملية الوزن و ( التكييس ) وناوله سليمان ورقة مالية تزيد عن قيمة ما اشتراه بضعفين , وقام الشيخ با خراج ما فى جيبه من مفردات العملة , ليرد باقى الورقه المالية , لكن سليمان قال له : لا.. لا ترد لى شيئا منها , فالبقية هدية منى اليك , قال الشيخ : ابدا لن اقبل اكثر من قيمة بضاعتى , فانا لست متسو لا , ا وتنامت قيمة ومقدار الشيخ لدى سليمان , واعجب با نفته وكبريائه , وقال : ما اسم الشيخ ؟ قال : اسمى غبدد المنعم محمود .. ابو محمد .. قال سليمان : يا ابا محمد , الرسول (ص )قبل الهدية , واضاف سليمان , انا اخوك سليمان الصالح , جئت ظيفا على قريتكم , بل على بلا دكم الطيبة , التى آ نس وارتاح بها , لذا فانى اقسم عليك بالله , ا ن تقبل هديتى , قال الشيخ : ما دمت قد اقسمت, وما دمت ظيفا على بلادنا , فاننى سوف ا قبل هديتك , على ان تقبل دعوتى لتكون ظيفا عندى هذا اليوم , وكان سليمان را غبا فى ان يتعرف على الشيخ اكثر , لذا قبل دعوته .. جلس سليمان مع مظيفه فى غرفة الا ستقبال , كان البيت متوا اضعا , الا ان غرفة الظيافة بها فرش نظيف ومرتب , بعد جلوسهما راح ابو محمد ينادى .. مروان .. مروان .. وجاء مروان يركض , كان شابا فى الثالثة عشرة تقريبا , قال ابو محمد : هذا حفيدى , الذى يعيش هو ووالدته معى فى هذا البيت , وليس معنا سوى الله , وطلب ابو محمد من مروان ان يسلم على الظيف , ثم قال له دع امك تعمل القهوة ثم احضرها , لم يدرك سليمان سر عيش ابو محمد وابنته وحفيده وليس معهم الا الله كما قال , اى انه لم يذكر شيئا عن والد مروان الذى يبدو انه غير موجود , اما فى سفر او غيره , وتجرآ سليمان وسال ابا محمد وقال : اين والد مروان هل يقيم فى مكان آ خر ؟ واثار السؤال شجون ابا محمد واطرق قليلا خافضا رأ سه حتى لا يلاحظ سليمان علا مات الحزن التى علت ملا محه , وشعر سليمان بالحرج فقد كان فى سؤاله تسرع ودخول فى شئون الا سرة الخاصة , رفع ابو محمد ر أ سه بعد ان مسح وجهه وازال اثر قطرات من الدمع قد اطلت من عينيه وقال : يا ا خ سليمان وتوقف قليلا وهو يردد يا ابا يا ابا .. قال سليما ن : ابو صالح انا ابوصالح قال ابو محمد : يا ابا صالح , الدنيا لا تخلو من الا حداث والمآ سى , اذ بها الخير وبها الغير , لقد كان شابا لطيفا و مستقيما وحسن الا خلاق , وحين تقدم يطلب الزواج من ابنتى هدى , قبلت طلبه
وذلك لثقتى به وبعائلته , وكان عند حسن ظنى , كان موظفا حكوميا ناجحا , وكان راتبه مع ما ياتيه من دخل قطعة ارض يملكها كا فيا له ولزوجته , وقد رزق الزوجان بعد سنة من زواجهما بطفل هو مروان الذى را ينه , وقد سر يوسف وهدى سرورا كبيراواسعدهما وجوده , كما اسعدنى انا ايضا , ولكن السعادة لم تدم , فقد اصيب يوسف با صابات بليغة على اثر حادث سير , وادخل المستشفى وانفقت انا وزوجته ابنتى هدى كل ما لدينا من مدخرات , ومع ذلك فقد سبقت ارادة الله برحيله , مات يوسف ولما يبلغ مروان السنة الا ولى , وكانت ضربة موجعة لهدى اولا , ولى ثانيا , فقد صدمت هدى فى آ ما لها وخيبة المصيبة احلا مها .. وتداعت الا حداث تلقائيا على لسان ابى محمد , والتى راح يرويها لابى صالح , .. كان يتحدث ويخالجه شعور بانه يزيل عن كاهله جملة من الهموم والا حزان , فلر بما خفف هذا التداعى شيئا من احزانه وهمومه , .. لكن ابا محمد شعر بالحرج , لانه قد افضى لسليمان بما يحمل من هموم ومتاعب , فراح يعتذر ويقول : لاتؤ اخذنى يا ابا صالح , فقد اقحمتك فى شئونى الخاصة .. لكن ابا صالح دعاه والح عليه ان يواصل حديثه , وانه لا حرج عليه , وامام الحاح ابو صالح , واصل ابو محمد الحديث وقال : يا ابا صالح لم يكن هناك خيار بعد تلك الحادثة , الا ان اتحمل مسئولية اعالة ابنتى وطفلها , اذ لم يكن ليو سف ميراث او دخل يعتمد عليه , وتوقف ابو محمد عند هذا الحد من قصة ابنته وزوجها , لكن ابا صالح حثه مرة اخرى على الا ستمرار , قال ابومحمد : لا اريد اشغالك بالمزيد من متاعبنا , قال ابوصالح : لا عليك يا ابا محمد , فانا مرتاح لحديثك , قال ابو محمد : جزاك الله خيرا على اريحيتك , الواقع لم يبق الا سيرتي المتواضعة , فقد كنت معلما فى ما مضى , واتقاضى را تبا زهيدا حسب امكا نيات ذلك الزمان , ولكنى تكيفت انا وزوجتى وابنتى مع هذا الراتب , وعند ما بلغت الستين احلت للتقاعد , وصرف لى راتبا تفا عديا يكاد لايفى بالمتطلبات الدنيا للعيش , وشعرت رغم سنى المتقدمة انه لابد من السعى لايجاد مورد ا خر, ولم يكن امامى سوى تلك العربة الخشبية التى رايتها يا ابا صالح , وكنت اشترى من تجار الجملة وابيع ونصرف مما يتوفر , حتى ابنتى بعد حصولها على الثا نوية , لم تجرؤ على البحث عن عمل , لان الا عمال لاتوجد الا فى المدينة , وهى لا تستطيع الا قامة هناك لوحدها , وكانت والدتها ( زوجتى ) رحمها الله قد توفيت قبل خمس سنوات ,و التى لو كانت موجودة لذهبت معها للمدينة, وقد اكتفت هدى بعمل بعض المنسوجات التى تجيدها , وبقيت انا وهدى نكدح ونكا فح , وكان اكثر ما يهمنا هو مروان , الطفل الذى نحرص على ان لايحس باليتم , وان لايشعر بانه اقل من اقرانه الذين يدرسون معه , وتحسنت حالنا ولله الحمد , دخل مروان المدرسة وها هو على وشك انهاء الاعدادية , ونامل ان يعيننا الله لنستطيع الحاقه بالثانوية ان شا ء الله .. وتوقف ابو محمد عند هذاالقدر من حديثه , وان كان قد احس بالندم على استر ساله وتما ديه فى عرض همومه على ظيفه .. تنبه سليمان من سرحانه الذى عاش فيه مع اوضاع هذه الا سرة واحوالها , ورد على ابى محمد الذى راح , يكرر الا عتذار وقال : لا لا عليك يا ابا محمد , فانت قد تحدثت الى انسان يحمل قلبا مليئا بالعاطفة الا نسانية , التى تنبع من تعاليم الا سلام وقيمه , ثم اننى قد اصبحت صديقا لكم بعد ان دخلت بيتكم وشاركتكم الماء والطعام , واستطرد سليما ن قائلا : يا ابا محمد انها قصة مشرفة , بل ملحمة جهادية , ينبغي ان تسجل لمسيرتك وكفاحك , فانت وفى هذه السن قد تحملت مسئولية اسرة وفى ظروف صعبة ..
انهى سليمان زيارته لابى محمد وشكره على ظيافته , وقبل الا نصراف قال سليمان : يا ابا محمد لى رجاء اليك بان تشرفنى بزيارتك لى فى منزلى بالمدينة , وارجو ان يرافقك حفيدك مروان ذلك ان عندى ما اود الحديث معك حوله , قال ابومحمد : يشرفنى ذلك ..
غادر سليمان القرية وهويشعر بانه قد شارك ذلك الشيخ فى حمل مسئولياته وهمومه , لذا فقد قرر ان يفعل شيئا من اجله , سليمان هو من سكان دولة مجا ورة , وله زيارات متكررة فى كل عام لهذه البلا د - الا ردن - حيث يجدبه الراحة النفسية والجسدية , ويجد تما ثلا اجتما عيا فى العا دات والتقاليد فى بلاده , وسليمان يعمل فى التجارة , وحالته الما دية جيدة , وكان يخصص جانبا من زكات ماله فى كل عام , ليصرفها على اعمال الخير , ولانه يانس بهذه البلاد , فقد خصها بشىء من اعماله الخيرية , وقد ساقته الصدفة المحظة ان يلتقى ذلك الشيخ فى قريته الر يفية النا ئية , وقد وجد انه خير من يستحق عمل الخير..
وصل ابو محمد يرافقه مروان حفيده الى منزل ابى صالح ., وحيا هما واحتفى بهما.. سليمان لم يكن يدرى كيف يستطيع ان يساعد الشيخ واسرته , انه لايريد ان يمس كرامته وكبريائه , يريد وسيلة او طريقة يستفيد منها الشيخ دون ان يشعر انه ينال صدقة او احسا نا , وقد فضل سليمان ان يتحدث مع الشيخ فى البداية عن ذكرياته فى التعليم عند ما كان معلما فى الما ضى , قال الشيخ , والله يا ابا صالح , لقد كان التعليم فى عصرنا افضل بكثير , كان فيه نقاء وفيه صفاء وفيه اخلاق ,من المعلم والمتعلم , كان المعلم يؤدى واجبه باخلاص, ويعتبره امانة ورسالة ومسئولية امام الله ,وكان للمعلم قدرا ومقدارا , فقد كان الطالب يعتبر المعلم مثل والده واكثر , اما فى الوقت الحا ضر فقد تغيرت الا حوال , واصبح المعلم لاقيمة له فى نظر الطالب , بل ربما يخشى الا عتداء عليه من بعض الطلاب , .. ووجد سليمان فرصة ليوجه السؤال الى مروان وقال : ما ذا ترى يا مروان ؟ لقد سمعت جدك وما قال عن الطلاب , فهل توافق على ما قال ؟ ابتسم مزوان والتفت الى جده وقال : جدى على حق فيما قال عن التعليم فى الما ضى , ’ كما كان يخبرنا عنه , ومع احترامى لر اى جدى , الا اننى اعتقد انه ليس كل الطلاب اشقياء , وخاصة فى مدارس القرى التى ندرس بها , لان اها لينا كانو يوصونا دائما , بان نحترم المعلمين جميعا , وما ذكره جدى يمكن يوجد فى بعض مدارس المدن , وقد علمنى جدى قولا فى تقدير المعلم , وعلى لسان احد الشعراء الكبار , يقول : ( قم للمعلم اوفه التبجلا ..اكاد المعلم ان يكون رسولا ) قال سليمان : ما شا ءالله ما شاء الله , بارك الله فيك لقد احسنت يا مروان , واجابتك هذه جعلتنى اطمع فى ان اتحدث اليك اكثر .. قال مروان : اشكرك ياعمى , والفضل فيما قلته وعرفته هو لجدى الكريم , اطا ل الله عمره .. قال سليمان : اسمع يا مروان , انت الا ن على وشك انهاء الا عدادية , فما ذا تنوى او ما ذا تفضل بعد الا عدادية ؟ هل ستذهب للثا نوية ام الى المعاهد المهنية ؟ قال مروان : ما ذا تعنى بالمعاهد المهنية يا عمى ؟ قال سليمان المعاهد المهنية هى التى يتعلم الطالب فيها مهنة حرفية , مثل النجارة والسباكة والكهرباء , وغيرها .. قال مروان : لا لا ياعمى سوف اذهب للثا نوية ان شاء الله وخاصة القسم العلمى , لاننى اطمح ان التحق با حددى الكليات , الطب او الهندسة ,لاننى واثق من قدرتى با ذن الله من حصولى على الدرجات التى ستؤ هلنى ان شا ء الله : قال سليمان مختبرا عزيمته و تصميمه , الدرا سة الثا نوية والجا معية تتطلب وقتا وجهدا طويلا , فى حين ان المدار س المهنية مدتها قصيرة , ولها مردود مالى سريع .. قال : لا اريد ان اكون مهنيا ياعمى , اريد ان اكون طبيبا او مهند سا , وارجو الله ان ييسر امرى ويطيل عمر جدى ووالدتى ,الذا ن يدعمانى ويقفان وراء طموحى , .. وقد اعجب سليمان بالطاقة الذهنية والذ كاء الفطر ى الذى يتمتع به مروان ,وعاد الى الشيخ , الذى كان يستمع الى الحوار بينه وبين مروان , وقال : ما ذا ترى فى اجابات مروان ؟ انه ذكى , واضاف سليمان فى عبارة دعابية , ترى هل ورث الذكاء عنك , ام عن ابويه ؟ قال ابو محمد : الحمد لله الذى وهب لمروان ما يتمتع به من فطنة وذكاء , والواقع ان ابويه شديدى الذكاء , واذا كان لى اثر عليه , فهو مجرد تدريب وتمرين لاستعمال الذكاء وتوجيهه لما ينفع , .. وبعد هذا الحوار, الذى هو فى الحقيقة مجرد تمهيد لما يريد سليمان ان يتحدث حوله , ويطرق بابه , قال . يا ابا محمد , لقد تعودت على الا قامة فى هذه البلاد , لفترات كثيرة واشعر بالتعاطف معه ومع اهله , و دائما افكر فى اى عمل مفيد , لى وللبلد , او لجانب معين من اهل البلد اقصد اقامة مشاريع صغيرة, تستفيد منها شريحة معينة , وهى الشريحة التى بحاجة الى الدعم والمساعدة , والتى هى ايضا على استعداد للا نتفاع بالفرص المتاحة .. ولكننى لم اجد اولم استدل على الطريقة المناسبة , واهمها الثقة فى من اتعامل معه , غير اننى بعد تعرفى عليك بالصدفة و على خلفيتك التى اوحت لى بصدقك وامانتك , الا مر الذى ادخل الطمئتينة الى نفسى , لذا فا ننى اود ان استشيرك , هل فى معلومك اى فكرة يمكن ان نستفيد منها ؟ على ان يكون لك شان باى مشروع يتم اختياره لتفيد وتستفيد , قال ابو مجمد : بعد صمت قليل : يا ابا صالح ان الا ستشارة التى معنا ها النصيحة , هى مسئولية وحمل ينوء به ضمير كل انسان صا دق مع نفسه ومع الغير, يا ابا صالح , اننى افهم ان لك نوا يا طيبة وسعى صادق نحو عمل الخير , لذا اقول لك , من موقع معرفتى المتواضعة , با ننى لااملك الخبرة او المعرفة الحقيقية لما يصلح وما لا يصلح , من هنا فا ننى لااستطيع ارتجال نصيحة او مشورة فى الوقت الحا ضر, على الا قل , وحفاظا على مسئوليتى فى النصح , اقترح عليك ان تمهلنى حتى اعود الى القرية – والتى اعتقد انك قد نويت ان تخصها يشىء من المنفعة – وهناك اجتمع بعدد من كبار اهل القرية واتشاور معهم حول اى مشروع اومرفق , وايضا الا تصال بمتخصصين لاى مشروع او قكرة يراد تنفيذها ..و تحتاجها
القرية ويكون فيها نفع لها ولا هلها , ثم اعود واخبرك بما تم هناك .., قال سليما ن : اشكرك يا ابامحمد, لقد ثبت لدى ما تتمتع به من حكمة وعقل وامانه .. وقبل ان يغادر الشيخ وحفيده المنزل قام سليمان بتقديم هدية رمزية للشيخ , سجادة صلاة ومصحف , ولمروان ساعة وقلم وكتاب ثقافى ..عاد الشيخ الى قريته وكان اول من عرض عليه الفكرة ام مروان ابنته هدى , غير ان هدى قد تلقت الفكرة بشىء من التحفظ , وقالت : يا والدى مالذى دفع بهذا الرجل لا ن يقدم لقريتنا هذا العرض ؟ قال ابو محمد يا ام مروان ما الغرابة فى ذلك ؟ رجل ميسور ولديه فا ئض من الزكوات ,ويود ان يصرفه فيما ينفع الناس , وهذا نابع من تدينه وسلامة سلوكه , وهو قد اعتاد على زيارة بلادنا , ولا سيما الريف , الذى يرتاح له , لان العادات والتقاليد فيه تشبه عادات وتقاليد بلاده , وقد اراد الله , ان ياتى الى قريتنا كجزء من برنامجه السياحى , ثم لقا ئه بى وانا امارس كسب رزقى المحدود , وقد استوقفته هيا تى وبضاعتى , وحدث ما حدث من تعرفه علينا وثقته بنا , فا راد ان يخصنا ويخص قريتنا ببعض الخدمات التى ستستفيد منها ان شاء الله , وكما فهمت من قصده, انه يريد ان نستفيد نحن ايضا , فهل فى هذا مايريب يا هدى ؟ والله يا والدى انه يصعب تصور وجود مثل هذا الرجل بنوا ياه وافكاره الطيبة خاصة فى هذا العصر, ولكننى قد استوعبت الا مر بعد ما اوضحته لى , يا هدى لو خليت لخربت واهل الخير موجودين ولكننا لا نشعر بهم لاننا نعيش فى قريتنا النائة .. قابل ابو محمد عددا من كبار وعقلاء القرية وتبادل معهم الر اى ,بعد ما شرح لهم فكرة المشروع الذى يود ابو صالح اقامته فى القرية , وقد اجمع اهل القرية فى البداية على اختيار بعض الخدمات التى لها مردود ومنفعة مباشرة , وهى : اولا .. اقامة مخبز لعدم وجود مخبز بالقرية , ثا نيا .. اقامة مركز لتدريب الفتيات اللا تى انهين الثا نوية ولم تتهيا لهن الفرصة للا لتحاق بالجا معات , وذلك لتد ريبهن على الخياطة والنسيج .. الخدمة الثالثة اقامة مركز ايضا لتدريب الطلاب فى ايام العطلات, على الحا سوب, هذا ما اتفق عليه اهل القرية ولم ينس ابو محمد ان يا خذ راى المختار ومدراء المدارس , الذين ساندوه وشجعوه على التعاون مع المحسن , صاحب الفكرة , وكان من فطنة ابو محمد انه قد ذهب الى مختصين لتقييم تكاليف المشاريع الثلاثة, حتى يقدمها لا بى صالح ليكون عنده معلومات عن التكاليف , وعلى اساسها يقرر ما يستطيع انجازه.. عرض ابو محمد على سليمان الا فكار والتكاليف للمشاريع التى اختارها اهل القرية , والتى يعتقدون منفعتها وجدواها , ..ا وشكر سليمان ابو محمد على جهوده , وشرع ابو صالح فى اقامة المخبز و تم اكتماله , وثد اصبح المخبز تحت ادارة ابو محمد وله شراكة به مقابل ادارته كما ان المخبز قد استوعب عددا من شباب القرية , ولم يتوقف ابو صالح عن تنفيذ المشاريع الأ خرى , فقد زار القرية , ولقى تكريما وترحيبا من اهلها , وطلب مشورتهم اى المشروعين الا خرين اكثر نفعا عند انجازه , ويبدو ان مركز تدريب الفتيات هوالمفضل اولا , وذلك لوجود الكثير من الفتيات اللا تى سينتفعن به , وكذلك لوجود معلمات متخصصات بالقرية , وجرى اختيار المكان وتم تزويده بالمعدات والا جهزة اللا زمة , وباشر المركز عمله تحت ادارة ام مروان , والتحق به الكثير من الفتيات وشعرابو صالح بالر احة والمتعة لانه قد نفذ ولبى ما كان يمليه عليه خلقه ومنهجه .. سارت امور المشروعين فى القرية على ما يرام , .. التحق مروان بالثا نوية وتحسن دخل الا سرة , فا بو محمد شريك فى المخبز, وام مروان كذلك لها دخل وان كان رمزى , لان هناك رسوم رمزية بسيطة تدفعها االفتيات , وتتقاسمها ام مروان مع زميلا تها المعلمات , اما ابو صالح فليس له الا الا جر والثواب , وهو ايضا يدعم المركز بما ينقصه من معدات , وكذلك يدفع بين فترة واخرى مكا فآ ت للمعلمات ..
عاد سليمان الى بلاده , وكان على تواصل مع ابى محمد , بعد مرور سنة علم ابو صالح ان ابا محمد قد اصيب بوعكة صحية , فجا ء ليطمئن عليه وليتا بع استمرار المشروعين , وقد نصح ابو صالح ابا محمد , ان يختار شخصا موثوقا ليساعده , كان ابو صالح يحس ويشعر بانه قد اصبح جزءا من اسرة ابى محمد , وانه ملتزم با ستمرارمسيرتها ودعمها , ودفعه ذلك لان يفكر فى مستقبل الا سرة , وكان يدور بخاطره بعض الا مور التى يود ان يتحدث مع ابى محمد حولها , ولكنه كان مترددا , لان هذه الامور تتعلق باحوال الا سرة الخاصة , ولكن ابا محمد , وكانه يقرا مايدور بخاطر ابى صالح , فاتحه بقوله : يا ابا صالح اننى كما ترى قد بلغت سنا متقدمة وصحتى ليست على ما يرام , وانا قلق على مروان وامه , ولا ادرى ماذا يخبىء لهما القدر , لكن املى فى الله ثم فى انسانيتك وكرمك , يجعلنى اطمئن قبل ان اودع الحياة , بانك لن تتخلى عنهما .. قال ابو صالح لقد كان هذا الها جس يدور فى خاطرى قبل ان تتحدث عنه .. يا ابا محمد ا ننى وقد تعرفت عليكم ونشا بيننا علا قات وصداقة , هذه العلاقة قد جعلتنى افكر بمستقبلكم , فانت الان فى مرحلة من العمر لاتستطيع معها العمل , ومروان فى الثا نوية , وامامه عدة سنوات حتى يقف على قدميه , وام مروان تنافح وتكافح , وقد لا تستطيع تحمل اعباء المستقبل , ومع اننى لن اتا خر عن واجبى تجاهكم , الا ان فى الغيب ما لا نعلم به, ولكن لى سؤال يا ابا محمد , لما ذا ترفض هدى – كما علمت منك - كل عروض الز يجات الكثيرة التى عرضت عليها ؟ , انها ما زالت فى عز الشباب ومكانتها وسمعتها فى القرية لايعلى عليها , ان الزواج للمراة يا ابا محمد حصاتة وصيانة , وام مروان فى اعتقادى بحاجة الى رحل يقف الى جا نبها , فانت لن تدوم لها , وحتى ابنها مروان لن يكون ملكا لها بعد تخرجه من الجا معه , فقد تستولى عليه امراة اخرى ( زوجه ) .. فلما ذا لا تكشف لها هذه الا مور وتقنعها بالزواج ؟ قال ابو محمد : والله يا ابا صالح ابنتى هدى امراة عاقلة وراشدة , وانا احترم قرارها , نعم كنت انصحها واذكرها بان الزواج فيه ستر للمراة وحفاظا لها , ولكنها تأ با وتقول: ان زواجها سيكون اهانة لابنها , وجرح لكرامته وكبريائه , وهى تبنى قرارها هذا على العادات والتقاليد السا ئدة هنا , والتى تبلغ احيا نا مبلغ العقيدة , وتزعم هذه العادات , ان زواج المراة بعد موت زوجها , فيه تنكر وعدم وفاء لزوجها الراحل , وهكذا اصبحت تلك العادات قيودا صارمة على كل ارملة .. قال سليمان : ان التقيد بتلك العادات الجاهلية فيه اهدار لمستقبل ام مروان , ان زواجها من رجل مناسب ومختار بعناية , سيكون عونا لها ولا بنها .. قال ابو محمد : هذا ما يقوله العقل والمنطق , ولكن لا حيلة لى لحملها على التخلى عن هذا الموقف , وياليتك تقوم با قناعها ووعظها يا اب صالح , فانت قد اصبحت فردا منا ويهمك مايهمنا .. فال ابو صالح : لا مانع عندى من التحدث اليها , ما دمنا كما ذكرت قد اصبحنامعارف واصدقاء, ومن مجلسه فى صالون الظيافة , راح ابو محمد ينا دى على ام مروان , مستعملا وسيلة النداء التقليدى , وهو التصفيق مع الصوت ويقول : تعالى تعالى يا ام مروان , تعالى الى هنا, فا بو صالح يريد التحدث اليك , ولانه قد اصبح واحد منا فلا حرج عليك , دخلت ام مروان وهى ترتدى لبا سها الشرعى وسلمت ثم جلست , وكانت هذه هىالمرة الا ولى التى تجلس فيها مع ابى صالح فى مجلس واحد , كانت فى ما مضى تراه ويراها ويتحدثان ولكن فى مجال العمل الذى تقوم به وهو ادارة المركز .. رد ابو صالح على هدى السلام, واردقبل الدخول فى الموضوع المقصود , اراد ان يطرق بابا اخر .. قال : ارجو انكم يا ام مروان قدنجحتم فى عملكم وانجزتم خدمة لقريتكم , ولعل اهل القرية قد لمسو ا فائدة المركز ,ثم ما مدى الا قبال على المركز ؟ .. قالت ام مروان : فى الواقع نحن نقدم لكم الشكر والتقدير على هذه الخدمة التى قدمتها للقرية , والا هالى هنا ايضا يقدرون لكم هذا العمل , اما الا نجاز , فلله الحمد انهينا حتى الآ ن ثلاث دورات, اى ثلاث دفعات, مدة كل دورة ستة شهور, تحصل بعدها الطالبة على شهادة معترف بها من قبل الدولة , والا قبال مازال مستمرا .. قال ابو صالح نحمدالله على ذلك , وما من شك ان سر النجاح يعود لك ولزميلاتك العا ملات معك .. قالت هدى نشكرك ونرجو من الله لنا ولكم التوفيق والسداد , .. قال ابو صالح : يا ام مروان , سوف اتحدث اليك فى موضوع ا خر , وارجو الا صغاء لما ساقوله باهتمام ,لقد تحدث لي ابو محمد ..وقال : انك قد اصبحت صديقا لنا وان امرنا يهمك , قلت له ان هذا صحيح , ومن هذا المنطلق , سوف يكون حديثى اخويا وقد اقول عائليا ..قالت هدى اشكرك على هذه المشاعر والا هتمام الصادق , وعليه فاننى مصغية بكل ما عندى من اهتمام لما ستقوله ..قال ابو صالح : يا هدى هذا والدك الذى نرجوله الشفاء وطول العمر , وهذا مروان الشاب الذكى الموهوب, الذى يدرس الثانوية و بعد ها الجا معة انشاء الله , وهذا انت التى تتحملين فيما يبدو مسئو لية الا سرة وتكا ليفها ومصاريفها , وهذا كما اعتقد يزيد عن طا قتك وامكانياتك , لذا فا ننى اود ان اسمع منك ما ذا ترين حول المستقبل .. قالت ام مروان : يا ابا صالح , لا يغيب عنى كلما ذكرته , ولكن هذا قدرنا , وهذا ما اراده الله لنا , واملنا فى الله الذى لن يتخلى عنا , كما نرجو , .. قال سليمان : هذا كلام طيب, ولكن فيه شىء من الا تكالية , فى حين ان التفكير فى المستقبل مطلوب , ان الله يامر بالعمل الى جانب الا تكال .. قالت وما ذا علينا ان نعمل يا ابا صالح , اننى انتظر ان ينهى مروان الثانوية , بعدها انوى الا نتقال الى المدينة , لا بحث عن عمل ذا دخل مناسب , ولنحاول الحاق مروان بالجامعة , وارجو ان يحصل على درجات تؤ هله لما هو طامح اليه وهو الطب او الهندسة , كما ارجو له ان يتفوق حتى يحصل على تسهيلات فى رسوم الجامعة .. يا ام مروان دعينى اعرج على شان اخر , ربما يكون شخصيا وعائليا فلتسمحى لى ان اطرق بابه , وذلك بصفتى صديقا بل ناصحا .. يا ام مروان لقد اخبرنى ابو محمد, ان الكثيرين من الرجال الا كفاء , قد تقدمو لطلب الا قتران بك , لكنك دائما ترفضين فكرة الزواج , مرة اخرى ارجو ان تا ذنين لى لان ادلى بر اييى بل نصيحنى , يا ام مروان انت لازلت فى عز الشباب ومرغوبة ومطلوبة , لانك كما علمت , عالية المقدار والقيمة فى اوساط القرية , واعراضك عن الزواج فيه اهدار لشبابك ومستقبلك, والمراة دون زواج كا لريشة فى مهب الر يح , واعتذر عن هذا التعبير.. الزواج يا ام مروان حصانة وصيانة للمراة كما اعتقد , لذا فاننى انصحك بالعدول عن موقفك الرافض للزواج .. قالت : يا ابا صالح انها محنة اعيشها واشعر بحملها , انها ظروف تكبلنى وتعوق آ ما لى , انها عاداتنا وتقاليدنا , ان لا تتزوج المراة بعد موت زوجها , خا صة من لديها اطفال, وانا لدى مروان الذى يساوى عندى كل الدنيا بمتاعها ونعيمها , ولا اريد ان يحس اويمسه اى كدر , اننى اعى ماتكرمت بقوله : با ن المراة دون زوج كريشة فى مهب الر يح , واعى ايضا ما نحن مقدمين عليه من مصاريف وتكاليف , ولكن الا مر المقلق اننى لو تجاوزت القيل والقال , فلربما لااجد الرجل المناسب , الذى آ من جانبه لى ولابنى , الذى لن اتخلى عنه .. قال سليمان : انا لاالومك فى حرصك على مشا عر ابنك , ولكن اذا احسنت الا ختيار وتفهمت وعرفت من يتقدم لك جيدا , فاننى اعتقد بان الله سيكتب لك ولابنك التوفيق .. واسمحى لى يا ام مروان ان اقول عبارة ربما تثير اشجانك , ان والدك - كسنة - الحياة ليس دائما لك , وحتى ابنك مروان , لن يبقى معك ولك , فلا بد من يوم تستولى عليه امراة ( زوجه ) - سنة الحياة - ايضا , ولن يبقى لك الا الرجل الذى اختارك واخترتيه .. يا ابا صالح , يصعب تصور وجود رجل يقبل بوجود شاب ليس ابنه , كما انه من الصعب كذلك على مروان ان يرى رجلا ليس ابيه يستولى على امه , انه امر محير ومربك .. يا ام مروان , اننى واثق بان الر جل المنا سب سياتى , وسيتقبل وجود مروان , فقط عند ما تقتنعى وتتفبلى النصيحة .. يا ابا صالح , لا انكران ما قلته امر منطقى ووا قعى ولكن , لا ادرى ما هو مو قف مرورن , على كل دعنى افكر واستخير الله , وربما افاتح مروان حول هذا الا مر , اما والدى فها هو قد استمع لحوارنا , ولا اشك فى انه يريد لى ولمروان كل الخير , والا ن اسمخو لى بالا نصراف , فقد حلت صلاة العصر واود اداءها فى وقتها , وعاد ابو صالح للحديث مع ابى محمد , وساله عن رايه فيما جرى من حو ار , قال : اننى اشكرك يا ابا صالح , فقد اهديت الى هدى كل راى صالح وصادق , وانا اوافقك على كل ما قلته , وارجو ان تقتنع هدى بما نصحتها به , ولكن يا ابا صالح , لقد قلت انك واثق بان الرجل المناسب سياتى , فما ذا تعنى بذلك ؟ قال ابو صالح : نعم اننى على ثقة بان هناك رجل مناسب سياتى.. ومن هو هذا الرجل يا ابا صالح ؟ سنعرفه فيما بعد وفى الوقت المناسب , واضاف ابو صالح , ما رايك يا ابا محمد فى مروان وهل سيتقبل الا مر ؟ قال ابو محمد : دعنى اولا اسمع راى هدى وهل هى مقتنعة , وبعد ذلك سنرى ما ذا نفعل مع مروان , عاد ابو صالح الى المدينة , بعد ان استطاع خلخلة موقف هدى من رفضها للزواج , وترك للا سرة امر قرارها . .عقد ابو محمد جلسة مع ابنته هدى , وتداولا فى الامر , ووجد ان لدى هدى ميل لقبول نصيحة ابى صالح ,..قالت هدى : لقد فكرت فى الا مر وحللته من كل الجوانب ووجد ت انه راى صائب .. قال ابو محمد : ومروان ما ذا ترين حول قنا عته , انه شاب يافع وربما تتغلب عليه الغيرة والكبرياء , وقد لا يتقبل ان يحل رجل اخر مكان والده.. والله يا والدى لا ادرى , ولكننى اتوقع انه لن يعصيتى , وذلك بعد ما ابين له الوضع والظروف التى نمر بها , ونرجو الله ان يهدينا لما فيه الخير .. كان ابو صالح قد اسر الى ا بى محمد, بان هناك رجلا ينوى اقامة مشروع فى المدينة , غالبا سيكون مدرسة للبنات , وانه حسب مشورتى سيختار ام مروان لا دارتها , مع تخصيص قدرا من ملكيتها لها , وسيهىء لكم جميعا سكنا مناسبا , وسيصرف لام مروان راتبا مناسبا , حتى يكتمل المشروع , كما ا انه سيدعم مصروفات مروان الجامعية , عن طريق اعطاء قرض على حساب نصيب ام مروان من داخل المدرسة .. فا راد ابومحمد ان يتقل اليها هذا الخبر, فلعله يشرح صدرها ويخفف من همومها ..قالت هذى : هل ابو صالح جاد فيما ذكر ومن هو هذا الرجل ؟ قال ابو محمد : ان ابا صالح لا يقول قولا الا وهو جادفيه , اما من هو الرجل فلم يذكر عنه الا انه موثوق .. واظن يا هدى ان الا مر ليس بعيدا عنه , فذلك واضح من نبر ة حديثه .. انهت هدى حوارها مع واالدها وراحت تنتظر عودة مروان من مدرسته , لتبد ا معه الحديث عن الموضوع , لكن مروان لم يعد فى وقته المعتاد , وخرجت هدى من بيتها وهي قلقة وتترقب , وقفت باول الطريق المؤ دى الى المدرسة , وقد شا هدت عددا من الطلا ب الذين جاؤ سيرا على الا قدام , وليس على الحافلة , وراحت تسالهم فردا فردا عن مروان , قال احدهم : انه قد بقىالى جانب الحا فلة, التى حدث بها عطل وزاد قلقها , وهمت بالسير على الطريق وهو بطول اربعة كيلو متر , ولكنها شا هدت عن بعد , مجموعة من الطلبة قادمين مشيا على الا قدام , وكان مروان من بينهم , وحين اقتربو سارعت اليهم و ضمت ابنها الى صدرها وهى فى حالة من البكا ء والفرح , فى وقت واحد , لكن مروان تفلت من بين يدى امه , وذلك خجلا من الطلاب حتى لايعيبون عليه ويعتبرونه طفلا صغيرا , بعد الغداء ذهب مروا ن الى غرفته ليراجع دروسه , وجا ءت اليه امه حاملة كا سا من الشاى , وجلست الى جانبه , وراحت تحسس على راسه وتدعوله بالتوفيق والنجاح , وسالته .. ما ذا عن سيرك فى الدراسة ؟ ولعلك لا تعانى صعوبة ؟ واضافت .. ياولدى بودى لو نستعين بمدرس ليساعدك فى بعض الدروس , ولكن مصروفات الدروس الخصوصية مكلفة , ورد مروان بقوله لا عليك يا امى , ولا تحملى هما , فانا قادر با ذن الله على استيعاب كل الدروس , ولا احتاج الى مدرس , ولكن يا مروان انت الا ن على وشك انهاء الثانوية ومن الا ن علينا ان نفكر فى شان الجامعة ومصروفاتها , فما هو رايك ؟ وصمت مروان ووضع يده على خده وراح يتطلع الى الفضاء عبر الشباك , ويبدو انه قد استغرق فى تفكير عميق , واستحثته والدته ليبدى رايه , قال يا والدتى يحلها ربنا الذى لن يتخلى عنا , كما نرجو .. اسمع يا ابنى هناك بارقة امل تبدو لنا فى الا فق , فلعل الله ان يوفقنا لتحقيقها , ما ذا تعنين يا امى ؟ يا مروان لقد فهمت من والدى , ان ابا صالح , مهتم بامر ك , ومواصلة دراستك الجاهعية , لانه يقدر ذكاءك وفطنتك , كما ان ابا صالح قد اخبر والدى , بان احد اقربائه , بنوى اقامة مشروع فى المدينه ( مدرسة للبنات ) وسيتولى ابو صالح الا مر نيابة عن قريبه , وقد اقترح ابو صالح , ان اكون ا نا مديرة لها مع اعطائى نصيبا فى ملكيتها , وان ابا صالح سيؤمن لنا سكنا فى المدينة , وسيساعدنا على مصاريف الجامعة اى انه سيعطينا قرضا على حساب ما سيتحقق لنا من دخل المدرسة , فما رايك يا مروان ؟ والله يا مى انا لا اخالفكم انت وجدى , فيما ترونه وجزا الله هذا الرجل بكل خير..انهى مروان الثانوية وانتقل مع اسرته الى المدينة , وذلك بعد اكتمال مشروع المدرسة وبداية عملها , والتحق مروان بكلية الطب, التى اهلته لها علا ماته العالية, وقد دعم ابو صالح اجراءا ت دخول مروان للجا معه , ودفع المصروفات الا ولية سلفة على رواتب واستحقا قات ام مروان , وسارت الا مور فى سلاسة وهدوء
ابو صالح بعد اقامته للمشروع واطمئنانه على الا سرة ومستقبلها تحت عنايته ورعايته , راح يفكر فى امور اخرى , تؤ كد اقترابه من الا سرة والا رتباط بها , فهو منذ اتصاله بالا سرة وتعامله معها , كان ينظر الى ام مروان بكل احترام وتقدير , ولانه يود ان يكون له بيتا ا سرى يأ وى اليه لذا لم يجد انسب واو فق من ام مروان , وهنا قرر مفاتحة ابا محمد حول الموضوع , ودعاه الى جلسة خاصة وعلى انفراد .. وقال : يا ابا محمد اننى وقد امضيت معكم فترة غير قصيرة من التعامل والتعارف , وعرفتموتى وعرفتكم , ولر غبتى فى توثيق العلا قة معكم اكثر واكثر , وكما تعلم فا ننى املك بيتا فى المدينة , ولى زيارات كثيرة واقامة كثيرة ايضا , لذا فقد فكرت ان اقيم اسرة ارتاح الى جانبها , ولم اجد افضل واشرف من ان اتقدم بطلب التقرب منكم , وطلب الزواج من ابنتكم هدى المحترمه , وانا قد اخترتها لاننى قد خبرتها وعرفتها و علمت عنكم كل خير , واننى سوف اقوم بتوفير كل ما يليق بها , كما اننى سا تبنا مروان واعتبره احد ابنا ئى .. قال ابو محمد : والله يا ابا صالح , لا ادرى ما ذا اقول , لاننى لا اجد العبا رات التى تليق بمكانتك لدينا , وانه ليسعدنى ان تكون نسيبا لنا , هذا من جا نبى , ولكن وكما تعلم لابد من الر جوع لصا حبة الشان.. بالطبع لم يفا جا ابو محمد بطلب ابو صالح , فقد كان يظن انه ذلك الر جل الذى كان يعد به .. اخبر ابو محمد ابنته هدى بر غبة ابى صالح , ولم تكن هدى اقل ار تياحا من والدها , فقد كانت تشعر بتقدير بالغ لابى صالح , لاسيما وهو قد اثبت – باعماله الطيبة - تقاه وصلا حه , وبقى امر مروان وكيف ابلا غه واقناعه .. دعاه جده وجلس معه لوحدهما .. قال جده : يا مروان ما هو رايك فى ابى صالح ؟ من حيث الا خلاق والا ستقامة والرجولة .. قال مروان : والله يا جدى ما رايت رجلا افضل منه , فقد لمسنا موا قفه الخيرية والا نسانية .. يا مروان .. يا ابنى ابو صالح وقد اصبح قريب منا وكا نه فرد من عائلتنا , وانت ترى ما بيننا وبينه من علا قات اخوية ومصالح ما دية , والرجل يود ان يوثق علا قته بنا اكثر واكثر , ونحن ايضا نود توثيق العلا فة معه , فهو قد سا عدنا ودعمنا , وها هو قد اقام المشروع من اجلنا .. ابو صالح يا مروان قد ابدى رغبته فى الزواج من و ا لد تك على سنة الله ورسوله , وانا ووالدتك لا مانع لدينا .. فما ذا ترى انت , لقد اصبحت اليوم رجلا تميز الا موروتقدر الا حوال .. وانتفظ مروان وهب وا قف ..اوقال : ما ذ ا يا جدي ؟ !! امى تتزوج ؟ وذكرى والدى ؟ ما ذا سيقول الناس ؟ .. يا ولدى الناس ليس من حقهم التحكم فى مصيرنا , وليس من واجبنا ان نخضع لارادتهم اونتاثر بكلا مهم .. يا ابنى والدتك شابة ومن حقها ان تعيش حياتها كبقية النساء , وهى بحاجة لمن يعتنى بها ويحافظ عليها , فانت ترانى وقد بلغت من العمر عتيا , اما انت –فا ما مك عدة سنوات حتى تتخرج من الجامعة , وتحتاج الى مصاريف لا يستهان بها , وحتى بعد تخرجك , فلن تكون لها , لانك ستتزوج وتذهب الى حياتك الخاصة , وتبقى هى وحيدة بعد رحيلى - كسنة الحياة - اما ذكرى والدك فهو قد ذهب الى جوار ربه كغيره , وذكراه لايمكن ان تحرم و الدتك من ان تسعى لضما ن مستقبلها , و ذلك ليس عيبا ولا حرا ما ولا يخالف الدين والعقل .. والرجل يا مروان قد وعد با ن يتقبل وجودك وان يجعلك مثل احد ابنائه , اى انه سيكون ابا لك بدلا من ابيك الذى انتقل الى رحمة الله .. ولكن يا جدى هذا ليس ابى ؟؟ فكيف يحل محله ؟ .. يا مروان يا ولدى هذه سنة الحياة , ولو كان وا لدك حيا فانك لن تحصل على ما تحصل عليه الا ن وبعد الا ن .. وهنا دخلت ام مروان وراته واجما ومتجهما ,وحاولت فى هدوء ان تشرح له الا مر , .. قالت يا ولدى يا مروان , لقد قبلنا بهذا الا مر من اجلك انت من اجل ان تكمل دراستك الجا معية وانت مرتاح , فقد سمعت والدى يقول ان ابا صالح مهتم بامرك وانه ملتزم بتكاليف دراستك ذلك لا نه معجب بتفوقك ونبوغك , وانا اريد ان تعرف ان ابا صالح يمكن ان يجد العشرات من النساء اللا تى يرغبن الزواج به , ولكنه قد فضل اسرتنا واختارنا بعد معرفته العميقة لنا ولا خلا قنا ..خرج مروان تاركا امه وجده فى حيرة , لا نهما لم يفهما مو قفه , وهما لا يريدان المضى فى الا مر دون اقتنا عه , ليس لا نه سيمنع ما قررته امه وجده , ولكن والدتهبهمها يمها اقتناعه , وهي لم تيأ س من ان يتفهم الوضع ...غادر مروان منزل والدته الى القرية المجاورة , قاصدا احد اقارب والدته , الشيخ سليمان , وهوعالم دين واما م مسجد , وطرح مروان مشكلته مع والدته وجده على الشيخ ,و طلب ان يقف الى جانبه , واقناع والدته بعدم الزواج , لكن الشيخ وعضه وذكرهبو اجب الطا عة لوا لد ته ..وقال : يا ولدى ان الا سلام لا يمنع الزواج للا رملة , بل انه يوصى بان تتزوج المر أة ما استطا عت , ..وانا انصحك يا ولدى با ن تقف الى جانب و الدتك وتوا فقها على ما ذهبت اليه , لا سيما وان قد سمعت عن هذا الرجل كل الا خبار الطيبة , لذا انصحك مرة اخرى بان تعود الى والد تك وجدك وتبلغهما موا فقتك بل مبا ركتك , ومن اجل ذلك , سوف ارا فقك الى اهلك , لا بارك لام مروان , فهي من لحمنا ودمنا ..وصل الشيخ سليمان يرا فقه مروان , الذى سارع الى والدتهوراح يقبلها ويقول لها مبروك يا والدتى , واننى اشكر عمى الشيخ سليمان الذى نصحنى وذكرنى بوا جبى الدينى ومنها طاعة الوالدين , كما اننى اعتذر منك ومن جدى ابى محمد ..يا والدتى اننى موافق على زواجك من الرجل المحسن الكبير ..السيد سليمان الصالح وارجو لك وله التوفيق والسداد ..وقام الشيخ سليمان بكتابة عقد النكاح على سنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم انتهى

بقلم ؛ سعد محمد ابو حيمد

جده صب 114982
21381 1428

نايف القحطاني 28-03-2009 08:49 PM

رد : هذا ليس ابى
 
مشكووووووووووووووووور

أشكرك بعنف:):)

سعد ابوحيمد 29-03-2009 09:29 AM

رد : هذا ليس ابى
 
شكرا اخى نايف مكرر كما كررته انت وارجو ان تطل على الروا يات الا خرى اذ يبدو انك قاىء ممتاز مع تحياتى

اخوك : سعد ابو حيمد

ماجد الخليفي 29-03-2009 10:19 AM

رد : هذا ليس ابى
 
السلام عليكم استاذنا سعد بو حيمد

قصة ممتعة ... طابت اناملك

هل نجد الان مثل تعامل سليمان مع البائع الشيخ ...

تقبل مروري وشكرا

سعد ابوحيمد 29-03-2009 01:44 PM

رد : هذا ليس ابى
 
اخى ماجد اشكرك على قرائتك للقصة واعجابك بها والمثال الذى عرضته فى الفصة يمكن ان بحدث اذ لو خليت لخربت وعلى كل تلك رسالة تدعو لفعل الخير والمعروف تحياتى
اخوكم : سعد

محمدابوسلطان 29-03-2009 11:16 PM

رد : هذا ليس ابى
 
قصه رائعه سلمت يداك
لك تحيتي وتقديري

سعد ابوحيمد 30-03-2009 09:58 AM

رد : هذا ليس ابى
 
الا خ محد ابو سلطان اشكرك على تعبيرك الطيب حول القصة وهناك قصص اخرى ارجو الا طلا ع عليها وشكرا

اخوك : سعد ابو حيمد

@ابوريان@ 03-04-2009 11:20 PM

رد : هذا ليس ابى
 
أخي الحبيب / سعد

قصة ممتعة ... طابت اناملك

تسلم


الساعة الآن 11:41 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق الأدبيه والفكرية محفوظة لشبكة قحطان وعلى من يقتبس من الموقع الأشارة الى المصدر
وجميع المواضيع والمشاركات المطروحه في المجالس لاتمثل على وجه الأساس رأي ووجهة نظر الموقع أو أفراد قبيلة قحطان إنما تمثل وجهة نظر كاتبها .

Copyright ©2003 - 2011, www.qahtaan.com