شبكة قحطان - مجالس قحطان - منتديات قحطان - ضرورة استثمار الانترنت في الدعوة إلى الإسلام

فإن الله سبحانه وتعالى وصف أمة الإسلام بأنها خير أمة أخرجت للناس ، قال عز وجل : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )
ومن هذه الآية تتضح الحقائق الآتية :-
أن الأمة الإسلامية هي خير الأمم
أن هذه الخيرية منوطة بما تتصف به الأمة من الإيمان بالله ودعوة إلى الخير وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر 0
وإذا كانت أمة الإسلام خير الأمم ومكانتها بين الأمم في موقع الصدارة والقيادة فإن لهذه المكانة مقتضيات0
أولاً : أن تقوم على صيانة الحياة من الشر والفساد 0
ثانياً :أن تكون لها القوة التي تمكنها من ذلك ، فهي خير الأمم لا من محاباة ولا عن مصادفة أو جزاف ، وليس الأمر كما كان أهل الكتاب يزعمون ( نحن أبناء الله وأحباؤه ) .. كلا إنما هو العمل الإيجابي لحفظ حياة البشرية من المنكر وإقامتها على المعروف ، مع الإيمان الذي يحدد المعروف من المنكر 0
أن على من أراد أن يدخل في هذه الخيرية والتفضيل أن يتصف بهذه الصفات،قال قتادة رحمه الله : " بلغنا أن عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – في حجة حجها رأى في الناس دعة فقرأ هذه الآية : ( كنتم خير أمة .. ) ثم قال : من سره أن يكون من هذه الأمة فليؤد شرط الله فيها "
وجوب الدعوة إلى الله على مجموع هذه الأمة ، فالدعوة إلى الله سبيل سيد المرسلين وسبيل إتباعه إلى يوم الدين : ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن أتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ) 0وقال تعالى : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )
فالدعوة إلى الله من أهم الواجبات التي فرضها على هذه الأمة وكلفها بها ، وكانت من أسباب تفضيلها على سائر الأمم 0
وكون الدعوة إلى الله واجبة على هذه الأمة يقتضي أن تسخر الأمة الإسلامية كل وسيلة تخدم هذا الواجب وتوصل دين الله إلى الآخرين ، ومن ذلك وسائل الاتصال0
وقد استخدم النبي صلى الله عليه وسلم – كل وسيلة اتصال مُكِّن منها لهذا الهدف العظيم 0 فراسل الملوك كما ثبت عن أنس – رضى الله عنه - : "أن النبي – صلى الله وسلم – كتب إلى كسرى وإلى قيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله عز وجل " .
واستقبل – صلى الله عليه وسلم – الوفود يدعوهم إلى الله ، وأرسل الرسل إلى البلاد للدعوة إلى الله ، فأرسل مصعب بن عمير – رضي الله عنه- إلى المدينة ، ومعاذاً وأبا موسى الأشعري وعلى بن أبي طالب – رضي الله عنهم – إلى اليمن0
واستخدم النبي – صلى الله عليه وسلم – الاتصال المباشر فكان يغشى الناس في مجامعهم وأسواقهم ويكلم الناس ويدعوهم إلى الله جماعات وأفرادا0
وكل وسيلة دعوية ينبغي أن يراعى فيها أمران :-
أولاً : عدم مخالفتها للشرع الحكيم 0
ثانياً : تأثيرها في المدعوِّين0
فإذا تتحقق هذا الأمران فإنها حينئذ تدور الحكم مع غايتها فإن كانت واجبة لا تتم إلا بهذه الوسيلة كان الأخذ بهذه الوسيلة واجباً لأن ما لا يتم الواجب إلا به واجب وإن كانت مستحبة فهي كذلك ، وفي العصر الحاضر تطورت وسائل الاتصالات تطوراً كبيراً حتى أصبح العالم من هذه الجهة بمثابة قرية صغيرة فأصبح مشرق الأرض على مسمع أذن ومغربها على مشهد عين ، يأتيك من أخبار هذا وأحداث هذا كٌلٌ حِينٍ وكأنك تشدهما جميعاً 0
وتتم ما شئت من هذه الوسائل المتنوعة والأجهزة المختلفة فمن إذاعات متنوعة وقنوات مختلفة إلى هواتف وأقمار صناعية إلى بريد إلكتروني … ألخ0
وفي السنوات القليلة الماضية على الساحة وسيلة جديدة – نسبياً وإن كان تاريخها الفعلي يعود إلى ما يقارب ربع قرن من الزمان 0 هي شبكة الإنترنت العالمية التي جميع وسائل الاتصالات الحديثة ، وفي تنوع الخدمات التي تقدمها – من بريد إلكتروني ، وأخبار ، واتصال بحواسيب أخرى ، وتبادل للملفات ، وقسم للمحفوظات .. وغير ذلك ، وكمية المعلومات التي تحتويها وسرعة انتشارها وكثرة المشتركين فيها وقلة تكلفة الاتصالات خلالها فهي أكبر شبكة معلومات اليوم 0
ووسيلة لها هذا التأثير والمكانة والانتشار يجب أن تُسَخَّر للدعوة إلى الله عز وجل ، وأن يفاد منها في إبلاغ دين الله فيجب على المسلمين وبخاصة المنفذين في الأمر والجهات الدعوية حمل رسالة الإسلام إلى كل بقاع الدنيا من خلال هذه الوسيلة العظيمة ، وأن تضطلع بمهمتها الرئيسية في نشر الخير إلى الدنيا كلها ، وصيانة الحياة من الشر والفساد ، والقيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 0
( الجوانب التي يتميز بها " الإنترنت " )
إن في شبكة الإنترنت جوانب كثيرة تجعلها متميزة للدعوة إلى الله عز وجل وتفرض على المسلمين ضرورة تسخيرها لذلك نجملها فيما يأتي :-
أنها من أسرع وسائل الاتصال المتاحة في العالم فتمكن الداعية من الاتصال بأفراد مختلفين في أماكن مختلفة بأقل تكلفة ، وهو ما يمكنه من الحوار الفردي أو الجماعي والمجادلة بالتي هي أحسن : ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم ) 0
( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) .
إن هذه الشبكة – على غير المتوقع – أصبحت اليوم ميداناً للصراع الفكري ، فما من دين إلا وله فيها عدد من الصفحات الداعية إليه0
فالكنيسة والمنظمات النصرانية قد اتخذت لها مواقع على الإنترنت ، بل إن بابا الفاتيكان شخصياً معتم بموضوع الإنترنت ويقول : " ينبغي للكنيسة أن تفيد أي تطور تكنولوجي للتبشير بالمسيحية " وفي عام 1995م بدأ الفاتيكان في وضع مساحة كبيرة خاصة به على الإنترنت ، وقد تم الإعداد لهذه المساحة منذ سنوات ، ومن المنتظر أن يدخل الفاتيكان عدة تطورات تكنولوجية ومعلوماتية في مساحته ، وستزود مساحة الفاتيكان بأحدث الأجهزة ، وستوفر الخدمات للملايين من اتباعها حول العالم على مدار الساعة ، وستشمل هذه المساحة الضخمة إلى جانب " فقرة الأخبار " الخاصة بمناشط الفاتيكان والبرنامج اليومي للبابا – سفراته ، لقاءاته …الخ 0
كما ستوفر أحاديث البابا مترجمة إلى ست لغات ، وتوفر تلبية رغبات الأتباع والرد على استفساراتهم في وقت واحد وبدون تأخير ، تقول القسيسة جوديث زوبلين – من طقم الفاتيكان لهذه المساحة : " إن الإنترنت اليوم أصبحت موضة العصر في كل مكان ويتوجب على الفاتيكان أن يواكب هذا التطور ويكون لنا فيه حضور 0
وتشمل الكنائس التي شيدت مواقعها على الإنترنت كلاً من : الفاتيكان ، وكنيسة إنجلترا ، والكنيسة الأسقفية البروتستانتية وغيرها0
ولليهود أيضاً مساحاتهم ومنابرهم على الإنترنت ، فهناك مساحة مخصصة فقط للرد على أسئلة اليهود في أنحاء العالم فيما يتعلق " بالحلال والحرام في المأكل والمشرب ، فعلى سبيل المثال سأل أحدهم : هل يجوز اقتناء الخنزير في البيت ، مع العلم بأنني أضع في ثلاجتي لحوماً " ذبحت على الطريقة اليهودية " ؟ فأتاه الجواب في بيته : نعم يجوز ذلك طالما لم تكن تنوى أكل الخنزير في نهاية الأمر ، وهناك طائفة يهودية أرثوذكسية تسمي نفسها Yaaleve Yavo لها مساحة متخصصة فقط لإرسال الصلوات والأدعية اليهودية للقدس من أجل أن تطبع وتعلق على الحائط الغربي 0
والهندوس أيضا بنوا موقعاً جميلاً وكتبوا كثيراً عن الهندوكية بهدف تشرها ، وكذلك اتباع الديانات الأخرى من البوذيين والمورمون .. وغيرهم 0
بل هناك طوائف غريبة جداً لها مواقع في الإنترنت مثل عبدة الشيطان حتى إن هناك موقعاً يعرف باسم " كنيسة الشيطان " وهناك طائفة فيتنامية تسمي نفسها ( Daiism ) لها مواقع نخصص للتبشير والتعريف بمعتقداتها ، وأتباع هذه الطائفة يعبدون الكاتب والروائي الفرنسي فيكتور هونمو ، وطائفة أخرى هندية تطلق على نفسها اسم ( Jainism ) يؤمن اتباعها ان المؤمن الحقيقي الذي يكنس الشارع الذي سيمشي عليه كي يضمن أنه لن يحطم أي حشرة صغيرة مستضعفة0
كل هذه الطوائف الغريبة وذات الضلالات العجيبة تتسابق وتتنافس في التبشير والتعريف بمعتقداتها من خلال هذه الشبكة وكل طائفة منها تدعي أنها تكسب معتنقين جدداً لديانتها0
فأهل الإسلام أولى وأحرى بأن يقتحموا غمار هذه الشبكة ويلقوا بثقلهم فيها حتى ينقذوا هذه الفئات الحائرة وتلك الأمم التائهة ويهدوها إلى الصراط المستقيم صراط الله العزيز الحميد ، ولا سيما أن دين الإسلام يحمل كل المقومات التي تجعله منصوراً دوماً في ميادين الحوار كيف لا وهو يحمل الحق المبين : ( قد جائكم من الله نور وكتاب مبين يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ) .
إن " الإنترنت " هي جهة الإتصال الوحيدة التي لا تتحكم فيها جهة معينة تفرض عليها سياساتها وتملي عليها رغباتها ، بل إن المتحكم فيها هو من يستخدمها فله أن يبث من خلالها ما شاء ويستقبل ما يشاء دون رقيب أو حسيب ، فكل مشارك في الإنترنت ناشر ومستقبل دون أن يكون تحت أي تأثير إلا ما يملي عليه فكره واتجاه .. ولئن كنا نحن المسلمين نعانى ونشكو – وحق لنا – من سيطرة أعداء الله – وبخاصة اليهود – على وسائل الإعلام المختلفة فقد أتيحت لنا هذه الوسيلة التي نستطيع من خلالها إبلاغ الناس ما نحن عليه من حق دون تشويش أو تحريف 0
إمكان إيصال دعوة الإسلام من خلال هذه الشبكة إلى أعداد كبيرة تقدر بأكثر من خمسين مليون نسمة وتشير الدراسات إلى أنها ستبلغ في عام (2000) إلى بليون مستخدم فهي فرصة سانحة إلى إيصال دعوة الإسلام إليهم 0
إن الإحصاءات تدل على أن المواد الدينية من المواد التى تحظى بإقبال واسع ، وأن الباحثين عنها كثير 0 ويتعرف المرء على شعبية موضوع ما من خلال حجم المراجع المتاحة له على الحاسوب ، فإذا أدخلت مثلاً كلمة (god) أي الإله في الإنترنت للبحث عن المساحات المخصصة لهذا الموضوع فستكشف أنها أكثر من (410) الآف مرجع معلوماتي وهذا العدد هائل عند مقارنته بموضوع عن الهندسة أو الرياضيات – مثلا 0 كما وصلت المساحات المخصصة لموضوع " المسيح " إلى (146) ألف مرجع معلوماتي 0 وكل هذه الأرقام مؤشر واضح على شعبية هذه لموضوعات 0
وهذا يدل على الظمأ الروحي الذي تشعر به الآف الأرواح الباحثة عما يروى غلتها من خلال هذه الشبكة 0
وأما المسلمون الذين يحملون الحق الذي يروي الغليل ويشفي العليل فما زالوا منزوين في الأطراف بعيداً عن الأحداث0
إن هذه الشبكة قد سخرها أناس لأفكارهم الضالة المنحرفة باسم الإسلام فيجب تصحيح هذا الخطأ ، ووضع الحق في نصابه ، وأن يمثل الإسلام أهله الحقيقيون لا الأدعياء 0 فالطائفة القاديانية المساه بالاحمدية قامت بتأسيس مسجد على الإنترنت كما أسسوا موقعاً لتقديم الفتاوى وهي التي أخذت اسم الإسلام (islam) 0
بل ضربت الرقم القياسي في موسوعة " جينيس " للأرقام القياسية في استخدام مصطلحات الإسلام على شبكة الإنترنت 0
بل إن المضحك المبكي أن أحد العرب سجل باسمه كلمة " الجهاد " فما الظن بما سيكتبه هذا العربي ؟0
وأخيراً فهذه الشبكة تستغلها الآن جميع الديانات والطوائف والفرق والفئات ، فمن باب أولى أن يبادر المسلمون إلى تسخيرها لخدمة الدعوة إلى الله ونشر مبادئ الحق والخير والفضيلة في كافة أنحاء المعمورة 0 وللإنصاف فلم يتجاهل القائمون على أمور الدعوة في هذا البلد أهمية هذه الوسيلة ، بل بادروا إلى محاولة معرفة ما يمكن عمله تجاه هذا الأمر وتم تكوين عدد من اللجان لدراسة الموضوع من كافة الجوانب واقتراح الإجراءات المناسبة ، ولعل آثار هذا الاهتمام وثمراته تظهر قريباً ، بأذن الله ، وتتحقق الآمال بإيجاد موقع للدعوة على الشبكة يتناسب مع مكانة هذا البلد ومسؤولياته العظيمة المتواصل بأمور الإسلام والمسلمين .