شبكة قحطان - مجالس قحطان - منتديات قحطان

شبكة قحطان - مجالس قحطان - منتديات قحطان (https://www.qahtaan.com/vb/index.php)
-   المجلس الـــــعــــــــام (https://www.qahtaan.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   صناعة النفس (https://www.qahtaan.com/vb/showthread.php?t=4796)

ابو سعد القحطاني 29-07-2005 06:20 PM

صناعة النفس
 
في الحقيقة شدني هذا الموضوع عندما كنت اتصفح في بعض المنتديات فحبيت ان تعم الفائدة للجميع .
للإنسان قُدْرَةٌ في إظهار نفسه و تكوينها ، و هو في ذلك غنيٌّ عن إظهار غيره له .
و هذه حال كثيرين يعتمدون على غيرهم ، و يرتقون على أكتاف كبرائهم لإظهار أنفسهم .
و هذا فيه ما فيه من هضم النفس ، و هَدْرٍ لما وهبها الله من آليَّات النهوض بها، و الرقي بها في سماء العلو .
و لذا كانت وظيفة ( صناعة النفس ) سائدة لدى فئة من الناس لا يُزَاحَمُوْنَ في وظيفتهم ؛ و هذا إنما هو : لقلَّتِهم ، و لعلو همتهم ، و لقوة عزيمتهم .
فَمِنْ شابههم سلك دروبهم . و مَنْ لا فلا .
و هذه أسطرٌ كاشف فيها معاني ( صناعة النفس ) من خلال مباني الأحرف .
و مؤصِّلاً وظيفة ( صناعة النفس ) موافِقَاً أصول الشريعة ، مراعياً أُسُسَ التربية .

معنى ( صناعة النفس ) :
قـد يتبادر إلى الذهن معنى لـ ( صناعة النفس ) غيرُ مُرادٍ لي ؛ و دفعـاً لتلك المبادرة أُبيِّنُ المعنى من (صناعة النفس ) و هو :
سعيُ الإنسان _ الجادّ _ نحو إظهار نفسه ، و الكشف عن مكنوناتها و مهاراتها التي تؤدي بها نحو عالم الإبداع . مع اعتماده على ذاته وما كان خافياً فيها من قُدَرٍ .
و هذا المعنى هو من بنيَّات الفكر ، و بَوْحِ الخاطر .

قواعدُ( صناعة النفس ) :
لـ ( صناعة النفس ) قواعدُ و أصولُ بها تُتْقَنُ و تُحْكَمُ ( صناعة النفس ) ، و بدونها ، و حال تخلُّفِها يكون الخلل ، و يُخَيِّمُ الفشل .
و ههنا أمورٌ أربعة هنَّ أصولٌ لـ ( صناعة النفس ) :
الأول : معرفة قُدُرَاتُ النفس :
إن الله _ تعالى _ متَّعَ الخلق بقُدَرٍ و مواهبَ ؛ و هذه المواهب و القُدَرُ متفاوتةٌ بين الناس ، و هم فيها متباينون .
فإذا عرف الإنسان قُدُرَاتُ نفسِه أحسن استعمالها ، و انشغل بها عن غيرها .
و معرفة قُدَرُ النفس مُرْتَكِزَةٌ على رَكِزَتَيْن :
الأولى : عدم رَفْعِ النفس فوق قدْرِها .
حيث ترى _ و هو كثير _ مَنْ يُخادع نفسه و يُلْبِسُها لباس الزور فيُنزلها منازل كبيرةً عليها ، ليست هي من أهلها و لا قَرُبَتْ من أحوالهم .
الثانية : عدم إهانتها و إنزالها عن قدرها .
و هذه كسابقتها في الكثرة و الانتشار .
و أعني بقُدَرِ النفس : ما تعرف النفس أنها ميَّالَةٌ إليه ، و تتيقَّنُ أنها تُنْتِجُ فيه أكثر .

الثاني : حُسْنُ إدارة النفس :
إدارة النفس تعني : قُدْرَةُ الفرد على توجيه مشاعره و أفكاره و إمكانياته نحو ما يريد تحقيقه ، و ما يصبو إلى تحصيله ( ).
فَحِيْن يستطيع الإنسان أن يوجِّهَ خواطره و مشاعره نحو ما يسعى إليه في حياته يكون بدءُ ( صناعة النفس ) .
و إدارة النفس فنُّ له أصوله و قواعده و مهاراته ، فليس هو أمرٌ بالهيِّن ، و لا بالشأن السَّهل .
الثالث : تزكيةُ النفس :
تزكية النفس هي : تنميتها ، و تطهيرها .
فتنميتها تكون بـ : الطاعات ، و الفضائل .
و تطهيرها يكون بـ : التخلِّي من الآفات ؛ المعاصي ، سفائل الأخلاق .
هذان أُسَّان في تربية النفس و تطهيرها .

الرابع : التدرُّج :
النفس توَّاقةٌ نحو الدَّعَةِ ، و ساعيةٌ إلى الخمول و السُّكون ، فإذا أراد صاحبها أن يُبْدِعَ في ( صنلعة النفس ) فلا بدَّ له من نقلها من مواطن الركود و الدعة إلى مشارف العلو و الرفعة .
و هذا يحتاج إلى أن يتدرَّج بها صاحبها من الدُّوْنِ إلى العلو ؛ شيئاً فشيئاً قليلاً قليلاً .
و سرُّ ذلك : أن في التدرُّج تنقُّلٌ مُمَهَّدٌ يستدعي تقبُّلَ النفس لتلك الصناعة .
و العكس ذو آفة يعرفها من أدرك حقيقة ذاك السر .

الخامس : الحكمة :
إن ( صناعة النفس ) تقتضي التعامل بالحكمة مع النفس ؛ فلا تُجْهَد ، و لا تُطْلَق لها الأزِمَّة .
فيراعيها في موطنين :
الأول : موطن الإقبال نحو المعالي ؛ فيغتنم تلك الفرصة لتربيتها ، و تنميتها .
الثاني : موطن الإحجام عن الفضائل فيستعمل معها سياسة القيادة من جهتين :
الأولى : الترغيب ؛ فيرغب نفسه بفضائل الأفعال ، و مقامات الكمال .
الثانية : الترهيب ؛ فيرهب نفسه بعواقب الدُّنُوِّ ، و يُبَيِّنُ لها مساويء الأعقاب .

طرقُ( صناعة النفس ) :
لـ ( صناعة النفس ) طريقان مهمان :
الأول : طريق ( الذات ) :
و أعني به : أن يكون الإنسان هو الصانع لنفسه ؛ و ذلك من خلال القواعد الخمس السابقة .
الثاني : طريق الغير :
و أعني به : أن تكون ( صناعة النفس ) للإنسان من خلال من هو خارج عنه _ أي : عن نفسه _ من : صاحب ، أو عالم ، أو أبٍ ، … .

مجالات( صناعة النفس ) :
المجالات كثيرة و متعدِّدَةٌ ، و لكن ما يهمُ هنا هو ما يتعلَّق بالأمور المتعلِّقة بالإسلام ؛ و هما مجالان :
الأول : مجال العلم :
فإن أغلب الناس _ الصَّالحين _ ممن أعملَ نفسَه في العلم : طلباً ، و تعليماً ، و تأليفاً ... .
و هذه مَحْمَدَةٌ و مَنْقَبَةٌ يُفرَح بها .
لكن الأمر المُؤْسِف أن يكون من يشتغل بالعلم دائمَ الصعود و الظهور على أكتاف أشياخه ، ملازماً لتقليدهم ، حَذِرَاً من إبداء أي رأي له خَشْيَةَ عدم المُوَافَقَة .
و هذه سلبية لا إيجابية .
إذ الواجب على الإنسان أن يكون مُسْتَقِلاًّ بنفسه ، مُعْتَمِدَاً عليها .
و هذا هو شأن كثير من العلماء ما أظهرهم إلا هم ، سعوا جادِّيْن نحو ( صناعة النفس ) فأبدعوا و أنتجوا ، في حين أن غيرهم ممن سيطر عليه الخوف ما بَرِحَ مكانه .
و لا أعني بكلامي هذا إسقاط ما للعلماء من مكانة و تأثير في نفس الإنسان ، و إنما أُريدُ أن يكون الإنسان ذا رأي مُعْتَبِرَاً لنفسه قَدْرَاً و وزْنَاً ، و يَنْفَرِدُ بالسعي في تَحْصِيْلِ العلم بعد أخذ مفاتحه و أصوله على مشايخه .

الثاني : مجال الدعوة :
و هذا أكثر و أشهر من سابقه .
و ( صناعة النفس ) فيه تكون بأن يَعْتَمِدَ الإنسان على ذاته في تبليغ الدعوة ، و نشر الدين في أوساط الناس .
و كذلك أن يسعى لإيجاد طرائق مُتَعَدِّدَةٍ لتبليغ الدين ، و نشر الدعوة في أوسع نطاق .

منقول

أخوكم أبومصعب.

ابن وهف 30-07-2005 07:56 AM

شكراً لك اخي الكريم على هذا المشاركة

عبدالله الوهابي 30-10-2006 07:56 PM

رد : صناعة النفس
 
أخي أبو مصعب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لاشك اخي العزيز ومشرفنا الغالي موضوعك يستحق الشكر والامتنان لما فيه شرح لمعاني ومصطلحات دارجة في حياتنا اليومية وقد نسمع فيها كثيرن ونجهل معناها وانك أزحت الستار عنها ووضعتها بين ايدينا لاعدمناك ولاتحرمنا من مشاركاتك فنحن في الانتظار كل ماهو جديد ..
ولي مداخلة أرجو أن أوفق فيها أخي المحب
المعروف في لغتنا العربية، أن صانع نفسه هو " العصامي " وهذه الكلمة منسوبة إلى " عِصام " حاجب النعمان وصارت تعني الشخص الذي يَشرف بنفسه لا بآبائه ولعل ذلك كان أصل القول الشائع " كن عصامياً لا عظامياً " أي - اصنع بنفسك مثل عصام ولا تتكل على مجد الآباء الذين صاروا عظاماً ..
كما أن بيت الشعر العربي الشهير يشير إلى عصام هذا حين يقول :
ونفسُ عصام سّودت ْ عصاما 00000 وعلمّته الكرّ و الإقداما
وكلُّ مَنْ يستطيع التفوق في ناحية ما من النشاط الإبداعي الإنساني الاجتماعي يمكن أن يصير من العظماء إذا اتجه للإبداع في هذا النشاط ورغب فيه .
قد يكون العامل رائداً اجتماعياً إذا أدرك في نفسه ناحية يتميز بها، ويعمل على استغلالها .. كما قد يكون الزارع والطبيب المعلم والفنان وغيرهم .. إذا عرف كلٌّ منهم تلك الميزة وركزّ جهوده لخدمتها، خاصة أنه في العصر الحديث تغيرت الظروف التي تحيط بالفكر الإنساني نتيجة الثورة الشاملة في كل ما يتعلق بحياة الإنسان وفكره .. إذ مال الناس في القرن العشرين إلى الإيمان بالصفات المكتسبة، والتي صارت في الغالب هي التي تحدد لنا منزلتنا أو حظّنا في الحياة بما صنعناه بأيدينا ، بعد أن كانوا في القرون الماضية يميلون إلى الإيمان بالوراثة على أنّها القدر ، الذي يَعّين لنا حظّنا في الحياة بما ورثناه من كفايات عن الآباء والأجداد ..
ليس العظماء00 من نوع واحد في المعرفة فبعضهم مبدع في الأدب، وبعضهم عالمٌ أنقذ البشرية من بعض آلامها، وبعضهم فيلسوف أنار بأفكاره بعض الزوايا في الفكر .. التقوا جميعاً على هدف نبيل: هو خدمة الإنسان والإنسانية .. والتقوا جميعاً على الطريق للوصول إلى هذا الهدف ، وهو " العمل .. ثم العمل " فصاروا عظماء خالدين .
اخيراً :- اقول كيف نعود أنفسنا أن يكون لنا في حياتنا ما نعيش ونعمل من أجله كي نبرر وجودنا الفاعل ؟
يبقى النبوغ - أوصُنع النفس - ظاهرة اجتماعية فردية لم تستطع أكثر الظروف ظلاماً وقهراً أن تمحوها أوتحطّ من قدرها ، وسوف يبقى النابغون - صانعو أنفسهم - مشعلاً يُضيء الدّرب نحو التقدم في العصور كلِّها .

فارس السروات 30-10-2006 08:30 PM

رد : صناعة النفس
 
بارك الله في مشرفي هذا المجلس

فنشاطهم وجهدهم واضح وسعيهم الحثيث ان تصل الفائدة للجميع مثار اعجاب الجميع


وفقهما الله لكل مايحبه ويرضى وجزاهم خير الجزاء

زياد البشري 30-10-2006 09:41 PM

رد : صناعة النفس
 
بارك الله أخي الكريم على الموضوع الرائع ..

وفقك الله ووفق المشرف المبدع ابن رشد الصغير على الاضافة الأكثر من رائعة ..

تقبلوا تحياتي ..

ابو سعد القحطاني 30-10-2006 11:40 PM

رد : صناعة النفس
 
بسم الله الرحمن الرحيم
اخي الحبيب ابن وهف
جاك الله خير علي مرورك بالموضوع.



اخوك ابومصعب

ابو سعد القحطاني 31-10-2006 12:27 AM

رد : صناعة النفس
 
بسم الله الرحمن الرحيم
اخي الحبيب ومشرفنا ابن رشد
جزاك الله خير على رفعك للموضوع واسأل الله سبحانه وتعالي ان يرفع قدرك في الدارين... آمين.

اخي الغالي
اضافة رائعة استفدناها من كاتب وقارىء اكثر من رائع.

نعم اخي تجد ان العصامي هي صفة من الصفات الحميدة بل من الصفات المشجعة والتي لا تعترف بالفشل او المصاعب او المشاكل او حتى التوقف عن تحقيق اي حلم او امل راود الانسان. ويستخدمها الاباء ليثبتوا لابنائهم ان الحياة ليست بالصعبة او السهلة اذا توافرت لدى الانسان الطموحات (العصامية) لتحقيق النجاح.
والشاعر يقول:
لا تحسبن المجد تمرا انت اكله
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
ولهذا لابد ان يكون الشخص واثق من نفسه من حيث قدراته حتي الوصول في تحقيق الهدف الذي يريده ويكون هذا كله بالجهد والسعي والمثابره .


اخوك ابومصعب

ابو سعد القحطاني 31-10-2006 12:29 AM

رد : صناعة النفس
 
بسم الله الرحمن الرحيم
اخي ومشرفنا الغالي فارس
جزاك الله خير على مرورك بالموضوع.



اخوك ابومصعب

ابو سعد القحطاني 31-10-2006 12:30 AM

رد : صناعة النفس
 
بسم الله الرحمن الرحيم
اخي الحبيب زياد
جزاك الله خير وبارك الله فيك علي مرورك بالموضوع.



اخوك ابومصعب

عبدالله آل عباد 31-10-2006 01:53 AM

رد : صناعة النفس
 
أبو مصعب



صدقت



بارك الله فيك

وفي أنتظار جديدك


الساعة الآن 10:22 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق الأدبيه والفكرية محفوظة لشبكة قحطان وعلى من يقتبس من الموقع الأشارة الى المصدر
وجميع المواضيع والمشاركات المطروحه في المجالس لاتمثل على وجه الأساس رأي ووجهة نظر الموقع أو أفراد قبيلة قحطان إنما تمثل وجهة نظر كاتبها .

Copyright ©2003 - 2011, www.qahtaan.com